وما فاتكم فاقضوا) فحينئذ تحمل رواية إسحاق على غير المتمكن من الدعاء بتعجيل رفعها، وعليه يحمل قول الصادق (ع) في رواية الحلبي (فليقض ما بقي متتابعا) إلى أن قال: بعد ذكر رواية القلانسي: وهذا يشعر بالاشتغال بالدعاء إذ لو وإلى لم يبلغ الحال إلى الدفن. انتهى.
أقول: ظاهر كلامه (قدس سره) تخصيص التكبير ولاء بصورة عدم التمكن من الأذكار بينها، ونقل ذلك عن العلامة في بعض كتبه بل نسبه شيخنا المجلسي (قدس سره) في كتاب البحار إلى الأكثر حيث قال: وقال الأكثر إن أمكن الدعاء يأتي بأقل المجزئ وإلا يكبر ولاء من غير دعاء. انتهى. وربما يشير إلى ذلك قوله (ع) في صحيحة علي بن جعفر المتقدم نقلها عن كتابه (ويبادره دفعة ويخفف).
ويشكل بأن ظاهر الأخبار المذكورة بالنظر إلى حمل مطلقها على مقيدها هو التكبير ولاء أمكن الاتيان بالأذكار قبل وقوع ما ينافي ذلك من العبد والانحراف عن الميت والقبلة أم لم يمكن، والتخصيص بما ذكروه يحتاج إلى دليل واضح.
وما استند إليه من العموم على وجه يشمل محل البحث ممنوع. والحديث الذي نقله غير معلوم كونه من طرقنا بل الظاهر أنه من الأخبار العامية التي يستسلقونها في أمثال هذه المقامات، ويعضد ذلك ما أشرنا إليه آنفا من أن قضية الوجوب الكفائي سقوط الوجوب في الصورة المذكورة، وبه يظهر أنه لا شمول لأدلة الوجوب لموضع البحث كما ذكرنا.
وأما دعواه اشعار رواية القلانسي بالاشتغال بالدعاء ففيه أن الظاهر من الرواية بعد التأمل فيها أن التكبير على القبر بعد الدفن إنما هو في صورة ما لو لم يدرك التكبير مع الإمام بالكلية كما أوضحناه آنفا، لا أنه أدرك بعضها وقضى البعض الباقي بعد الدفن حتى يدعى أنه لو والى لم يبلغ الحال إلى الدفن وكيف كان فالاحتياط في ما ذكروه (رضوان الله عليهم) والله العالم.