واعلم أنه ليس في العبارة دلالة على حكم صلاة الزلزلة إذا لم يعلم المكلف بحصولها حتى انقضت، وقد صرح العلامة في التذكرة بسقوطها فقال: أما جاهل غير الكسوف مثل الزلزلة والرياح والظلمة الشديدة فالوجه سقوطها عنه عملا بالأصل السالم من المعارض. وهو غير بعيد وإن كان الاتيان بالصلاة هنا أحوط. انتهى.
أقول: ما ذكره - من أنه ليس في العبارة دلالة على حكم صلاة الزلزلة - فيه أن اطلاق العبارة وقوله (غير الكسوف) شامل للزلزلة كغيرها، والعبارة ظاهرة بالنظر إلى ما قلناه في سقوط القضاء مع الجهل بالزلزلة، ولا فرق بين هذه العبارة وما نقله عن العلامة في التذكرة إلا باعتبار الاتيان بالأمثلة لهذا الاطلاق في عبارة العلامة وعدم الاتيان بها في هذه العبارة، بل عبارة العلامة وتمثيله بهذه الأشياء قرينة ظاهرة في العموم كما ادعيناه، إذ لو لم تكن العبارة بمقتضى اطلاقها عامة لما صح التمثيل.
وفي الذخيرة اعتراض كلام التذكرة هنا فقال: وفيه نظر لأن المعارض موجود وهو عموم ما دل على وجوب الصلاد للزلزلة من غير توقيت ولا تقييد بالعلم المقارن لحصولها، ولهذا قال في النهاية: ويحتمل في الزلزلة قويا الاتيان بها لأن وقتها العمر. انتهى كلامه.
أقول: فيه أن ما ذكره من هذه المعارضة في الزلزلة جار أيضا في غيرها، فإن أدلة الآيات والأخبار الواردة بها كذلك مطلقة غير مقيدة بوقت ولا بالعلم المقارن لحصولها مثل قولهما (عليهما السلام) في صحيحة محمد بن مسلم وبريد (1) (إذا وقع الكسوف أو بعض هذه الآيات فصلها ما لم تتخوف أن يذهب وقت الفريضة) وما تقدم من عبارة كتاب الفقه الرضوي وغيرها مما هو مطلق كما ذكرناه، فالواجب عليه حينئذ القول بوجوب القضاء في جميع الآيات بالتقريب الذي ذكره.
وبالجملة فإن كلماتهم في هذه المقامات لا تخلو من التشويق والاضطراب