بدأت بالفريضة وأخرت الركعتين إذا لم أكن صليتهما).
وأنت خبير بأن هذه الأخبار على كثرتها واستفاضتها قد اشتركت في الدلالة على أن أول وقت الجمعة التي هي عبارة عن الخطبتين والركعتين كما تقدم تحقيقه هو الزوال وأنه يجب المبادرة إليها فيه حتى أن الركعتين لا تزاحمها بل تقدم في وقت الشك في الزوال ومتى تحقق بدئ بالواجب، وأن وقتها مضيق بهذا الوقت يعني يجب الشروع فيها بعد تحقق الزوال بالاتيان بالأذان ثم الخطبتين ثم الركعتين حتى يفرغ لا اتساع فيه كغيرها من الصلوات التي تقبل التأخير عن الأول، وهي صريحة في بطلان قولي الأكثر وابن إدريس فإن وقت صلاة العصر في ذلك اليوم هو وقت الظهر في سائر الأيام يعني بالنسبة إلى التطوع، وقد تكاثرت الأخبار وعليه بنيت هذه الأخبار بأن وقت الظهر في سائر الأيام بعد القدمين وأن اختزال القدمين من أول الظهر لمكان النافلة كما تقدم تحقيق جميع ذلك في مبحث الأوقات.
وأنت إذا ضممت هذه الأمور بعضها إلى بعض ظهر لك أن وقت الجمعة من أول الزوال إلى مضي قدمين ومتى خرج هذا المقدار خرج وقتها ووجب الاتيان بها ظهرا، ومن هنا ثبت التضييق فيها وعدم الامتداد. ولا ينافي ذلك خبر الساعة فإنها تطلق عرفا على الزمان القليل وهو المراد هنا لا الساعة النجومية أو الساعات التي ينقسم إليها النهار.
وظني أن كلام أبي الصلاح والجعفي يرجعان إلى معنى واحد وهو ما دلت عليه هذه الأخبار بالتقريب الذي أوضحناه، وأن ما أوردوه على أبي الصلاح في هذا المقام لا ورود له عليه.
وأما ما ذكره المحقق - من أنه لو صح ما ذكره لما جاز التأخير عن الزوال بالنفس الواحد، وبأن النبي صلى الله عليه وآله كان يخطب في الظل الأول فيقول جبرئيل:
(يا محمد صلى الله عليه وآله قد زالت الشمس فأنزل وصل) وهو دليل على جواز تأخير الصلاة عن الزوال بقدر قول جبرئيل (ع) ونزوله ودعائه أمام الصلاة ولو كان مضيقا لما