والتلبية مع القدرة عليهما، فلا يجوز له ذلك، لأنه لا مانع يمنع من ذلك ولا ضرورة فيه ولا تقية، وإن أراد غير ذلك فهذا يكون قد ترك الإحرام متعمدا فيبطل حجه (1).
وهذه موآخذة لفظية، فإن الحرام ماهية مركبة من النية والتلبية ولبس الثوبين، ولا شك في عدم المركب بعدم أحد أجزائه. ونحن نسلم إيجاب ما يتمكن منه، لكن لا يكون قد أتى بماهية الإحرام، فإذا زال المانع وجب عليه الإتيان بباقي الأفعال.
نعم يبقى في كلام الشيخ شئ، وهو أنه يمكن أن يقال: إذا زال المانع وجب عليه الرجوع إلى الميقات والإحرام منه، فإن تعذر أحرم من موضعه.
لنا: إنه متمكن من الإحرام من الميقات، فلا يجوز من غيره.
مسألة: قال ابن إدريس: ميقات أهل مصر ومن صعد من البحر جدة (2).
وقال ابن الجنيد (3): ومن سلك البحر أو أخذ طريقا لا يمر فيه على هذه المواقيت كان إحرامه من مكة بقدر أقرب المواقيت إليها [فيحرم] (4) منه.
وقال الشيخ في المبسوط: فإن قطع الطريق بين الميقاتين أو على طريق البحر نظر إلى ما يغلب في ظنه أنه يحاذي أقرب المواقيت إليه فيحرم منه (5).
فإن كان الموضع الذي ذكره ابن إدريس يحاذي أحد المواقيت صح وإلا فلا، فإنه ليس في شئ من الأحاديث ذلك، والذي ورد في ميقات أهل مصر الجحفة، وأهل السند من ميقات أهل البصرة.