مسألة: لو مات المستطيع ولم يحج مع تمكنه منه وجب أن يخرج من تركته من يحج عنه من صلب المال من أقرب الأماكن إلى الميقات، سواء كان هناك سعة للحج من بلده أولا.
وللشيخ قولان: هذا أحدهما، ذكره في المبسوط (1) والخلاف (2)، والثاني: يجب من بلد الميت مع السعة، اختاره في النهاية (3)، وهو قول ابن إدريس (4)، وابن البراج (5).
والأقرب عندي التفصيل، وهو أن الحج إن كان منذورا من بلد معين وجب الاستئجار عنه من ذلك البلد، وإن كان مطلقا أو حجة الإسلام فمن أقرب الأماكن.
لنا: الأصل براءة الذمة من الاستئجار من البلد.
ولأن الواجب هو الحج، وقطع المسافة ليس مرادا للشارع بالذات، فإن المسافر لو اتفق قربه من الميقات فحصلت له الشرائط وجب أن يحج من ذلك الموضع. وكذا لو استطاع في غير بلده لم يجب عليه قصد بلده، وإنشاء الحج منه بلا خلاف، فعلم إن قطع المسافة ليس واجبا، فلا يجب الاستئجار عنه.
احتج ابن إدريس بأنه كان يجب عليه نفقة الطريق من بلده فلما مات سقط عنه الحج عن بدنه، وبقي في ماله بقدر ما كان يجب عليه لو كان حيا من نفقة الطريق من بلده، وبه تواترت أخبارنا وروايات أصحابنا (6).