فبالقلب (1). ولا أرى في ذلك كثير بحث.
والتحقيق: إن النزاع لفظي فإن القائل بوجوبه باللسان أولا ثم باليد أشار بذلك إلى الأمر بالمعروف بأن يعد فاعله الخير ويعظه بالقول ويزجره عن الترك، فإن أفاد وإلا ضربه وأدبه، فإن خاف وعجز من ذلك كله اعتقد وجوب المعروف وتحريم المنكر وذلك مرتبة القلب. والقائل بتقديم القلب يريد أنه يعتقد الوجوب ثم يأمر به باللسان، أو بأن فاعل المنكر ينزجر بإظهار الكراهة أو بالإعراض والهجر. والقائل بتقديم اليد يريد أنه يفعل المعروف ويجتنب المنكر بحيث يتأسى به الناس، فإن أفاد ذلك الانقياد إلى المتأسي وإلا وعظ وزجر وخوف باللسان، فإن عجز عن الجميع اعتقد الوجوب.
مسألة: لو افتقر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلى ضرب من التأديب والإيلام والإضرار به والجراح وإتلاف نفسه قال الشيخ في الإقتصاد الظاهر من مذهب شيوخنا الإمامية أن هذا الجنس من الإنكار لا يكون إلا للأئمة - عليهم السلام - أو لمن يأذن له الإمام فيه، ثم قال: وكان المرتضى - رحمه الله - يخالف في ذلك ويقول: يجوز فعل ذلك بغير إذنه، لأن ما يفعل بإذنهم يكون مقصودا، وهذا بخلاف ذلك، لأنه غير مقصود، وإنما قصده المدافعة والممانعة، فإن وقع ضرر فهو غير مقصود (2).
والشيخ وافق المرتضى في كتاب التبيان (3) ونصره وضعف ما عداه، وفي النهاية (4) قال بقوله في الإقتصاد.