استطاعا إليه سبيلا بإيذانهما، فإن حجا أجزأ ذلك عنهما إذا أعتقا، ويستحب لهما بعد العتق أن يحجا، لأن الاستطاعة للحج هي القوة في البدن والقدرة على النفقة، ومتى وجد الإنسان أحدهما ومنع الآخر لزمه، فإن أداه بأحدهما ثم استجمعا له أعاد ليكون مؤديا بهما فريضة الحج عليه بهما. فهذا خلاف المشهور من أن الحرية شرط، وقد أجمع علماؤنا سواه عليه، لقوله تعالى: " من استطاع إليه سبيلا " (1)، والاستطاعة ملك للزاد والراحلة بلا خلاف عندنا في ذلك.
مسألة: قال أبو الصلاح: صحة الحج موقوفة على ثبوت الإسلام والعلم بتفصيل أحكام الحج وشروطه وتأديته لوجهه الذي له شرع مخلصا لربه، مع كون مؤديه مطهرا بالختانة، ثم بين الاشتراط - إلى أن قال: - وكون الحاج أغلف لا يصح حجه بإجماع آل محمد - عليهم السلام - (2).
وفي هذا الكلام إشكال، فإن المروي أنه لا يجوز أن يطوف الرجل وهو غير مختتن (3)، فإن أخذه من هذه الرواية من حيث أن بطلان طوافه يستلزم بطلان حجه أمكن (4)، لكن كلامه يوهم بطلان حجه مطلقا، ونحن نمنع من ذلك، فإنه لو لم يتمكن من التطهير (5) صح حجه وطوافه، فقوله: " على الإطلاق " ليس بجيد، مع أن ابن الجنيد قال: ولا يجوز للرجل أن يطوف بالبيت وهو غير مختون على ما روى أصحابنا في الأخبار (6)، وهو يعطي توقفه في ذلك.