أثم ووجبت إجازة جواره، ولم تحقر ذمته وإن كان عبدا، وأمسك عمن أجاره من الكفار (1). والنزاع معه في مقامين:
الأول: في تحريم ذمام الواحد للآحاد، وقد بينا أن المشهور جوازه، لدعاء الحاجة إليه وما فيه من الترغيب إلى الإسلام، ولقوله - عليه السلام -: " ويسعى بذمتهم أدناهم " (2).
الثاني: وجوب قبول أمانه، فإن قصد بذلك عدم الاعتراض لو خرجوا إلينا حتى يرجعوا إلى مأمنهم فهو حق، وإن قصد مطلقا فهو ممنوع.
وظاهر كلامه الأول فإنه قال بعد ذلك: حتى يسمع كلام الله، فإن أسلم وإلا أبلغ مأمنه (3).
مسألة: قال الشيخ: إذا اجتمعت جماعة من المسلمين فأقروا أنهم عقدوا الأمان له قبل الأسر لم يقبل، لأنهم يشهدون على فعلهم (4).
وقال ابن الجنيد (5): لو ادعى بعض المسلمين بعد الغلبة للعدو أنه كان قد أمن بعضهم لم يقبل ذلك منه إلا ببينة، ولو شهد اثنان أنهما أمنا رجلا أو جماعة لم تصح الشهادة، وإن كانوا ثلاثة شهود يشهدون بأنهم أمنوا هؤلاء القوم أو الرجل الواحد صحت الشهادة.
احتج بأن الواحد من الثلاثة قد أمن ويصح منه الأمان وشهد بفعله الآخران من الثلاثة، فمضى كما لو لم يمضوا فعلهم في الشهادة.