وفي الصحيح عن حريز قال: سألت أبا عبد الله - عليه السلام - عن رجل مفرد للحج فاته الموقفان جميعا، فقال له: إلى طلوع الشمس يوم النحر، فإن طلعت الشمس من يوم النحر فليس له حج ويجعلها عمرة وعليه الحج من قابل (1). فجعل - عليه السلام - إدراك المشعر قبل طلوع الشمس ضابطا لمن فاته الوقوف بعرفة، حيث سأله السائل عن فوات الموقفين.
مسألة: قال الشيخ في المبسوط: المواضع التي يجب أن يكون الإنسان فيها مفيقا حتى يجزئه أربعة: الإحرام والوقوف بالموقفين والطواف والسعي، وصلاة الطواف حكمه حكم الأربعة سواء، وكذلك طواف النساء، وكذلك حكم النوم فيه سواء. والأولى أن نقول: يصح منه الوقوف بالموقفين وإن كان نائما، لأن الغرض الكون فيه لا الذكر (2).
وقال ابن إدريس: هذا غير واضح، ولا بد من نية الوقوف بغير خلاف والإجماع عليه، إلا أنه قال في نهايته: ومن حضر المناسك كلها ورتبها في مواضعها إلا أنه كان سكران فلا حج له وكان عليه الحج من قابل، وهذا هو الواضح الصحيح الذي تقتضيه الأصول (3).
قال: والأولى عندي أنه لا يصح شئ من العبادات والمناسك إذا كان مجنونا، لأن الرسول - صلى الله عليه وآله - قال: " الأعمال بالنيات وإنما لامرئ ما نوى "، والنية لا تصح منه، وقال تعالى: " وما لأحد عنده من نعمة تجزى إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى "، فنفى تعالى أن يجزئ أحدا بعمله إلا ما أريد وطلب به وجه ربه الأعلى، والمجنون لا إرادة له (4).