لا يقال: ينتقض هذا بما ذكرتموه أولا.
لأنا نقول: الفرق ظاهر، فإن الأول تعلق غرض الشرع بإيقاع نوع (1) معين فلا يجزئ غيره، كما لو أوقعه المكلف مباشرة فكذا لو أوقعه نيابة. أما الثاني فإن غرض الشارع الإتيان بالأفضل وقد فعله النائب، ولا اعتبار هاهنا بتعيين المستأجر، ألا ترى أن من اشترى من غيره سلعة فأتاه بأجود من الموصوف وجب عليه القبول.
بقي هنا بحث: وهو أنه لو كان المنوب متخيرا في أنواع الحج بأن يكون له منزلان متساويان في الإقامة أو نذر حجا مطلقا فاستؤجر عنه للتمتع فقرن النائب أو أفرد أو بالعكس ففي الإجزاء عن المنوب نظر، ومع القول بالإجزاء ففي استحقاق الأجير شيئا من الأجرة نظر.
مسألة: لو صد الأجير قبل الإحرام قال الشيخ في النهاية: كان عليه مما أخذه من الأجرة بمقدار ما بقي من الطريق، اللهم إلا أن يضمن الحج فيما يستأنف ويتولاه بنفسه، فإن مات قبل الإحرام ودخول الحرم كان على ورثته إن خلف في أيديهم شيئا مقدار ما بقي عليه من نفقة الطريق (2).
وقال في المبسوط: إذا أحصر الأجير كان له التحلل بالهدي ولا قضاء عليه، والمستأجر على ما كان عليه إن كان متطوعا كان بالخيار، وإن كان وجب عليه حجة الإسلام لزمه أن يستأجر من ينوب عنه، غير أنه يلزم الأجير أن يرد ما بقي من الطريق أو يضمن الحج فيما يستأنفه ويتولاه بنفسه، ولو مات الأجير قبل الإحرام وجب على ورثته أن يردوا جميع ما أخذ ولا يستحق شيئا من الأجرة، لأنه لم يفعل شيئا من أفعال الحج، وإن كان بعد الإحرام لم يلزمه