والثاني: أن من ترك الوقوف على نفس المشعر - الذي هو الجبل - فإنه يستحب الوقوف عليه عند أصحابنا وجب عليه بدنة.
وكلا الاحتمالين فيه خلاف، لما ذكره علماؤنا، فإن أحدا من علمائنا لم يقل بصحة الحج مع ترك الوقوف بالمشعر عمدا مختارا، ولم يقل أحد منهم بوجوب الوقوف على نفس المشعر - الذي هو الجبل - وإن تأكد استحباب الوقوف به. وحمل كلامه على الثاني أولى، لدلالة سياق كلامه عليه.
ويحتمل ثالث: وهو أن يكون قد دخل المشعر ثم ارتحل متعمدا قبل أن يقف مع الناس مستخفا، لما رواه علي بن رئاب، عن الصادق - عليه السلام - قال: من أفاض من عرفات مع الناس فلم يلبث معهم بجمع ومضى إلى منى متعمدا أو مستخفا فعليه بدنة (1).
مسألة: نقل ابن إدريس عن السيد المرتضى في انتصاره: أن وقت الوقوف بالمشعر جميع اليوم من يوم العيد، فمتى أدرك المشعر قبل غروب الشمس من يوم العيد فقد أدرك المشعر (2).
وهذا النقل غير سديد، وكيف يخالف السيد المرتضى جميع علمائنا؟!
فإنهم نصوا على أن الوقت الاضطراري للمشعر إلى زوال الشمس يوم النحر، وإنما حصل الوهم لابن إدريس باعتبار أن السيد - رحمه الله - نازع المخالفين في أن الوقوف بالمشعر ركن كالوقوف بعرفة.
ثم إن السيد - رحمه الله - ذكر مسألة أخرى عقيب هذه المسألة مؤكدة لمطلوبه وهي: أن من فاته الوقوف بعرفة حتى أدرك المشعر يوم النحر فقد أدرك