عن المنكر هو المنع منه، فلو وجبا بالعقل لكان واجبا على الله تعالى، لأن كل ما وجب بالعقل فإنه يجب على كل من حصل وجه الوجوب في حقه، فكان يجب على الله تعالى الحمل بالمعروف والمنع من المنكر. فأما أن يفعلهما فلا يرتفع معروف ولا يقع منكر ويلزم الإلجاء، أو لا يفعلهما فيكون مخلا بالواجب، وفيه نظر، لاحتمال أن يكون الواجب علينا في الأمر والنهي غير الواجب عليه، فإن الواجب يختلف باختلاف الآمرين والناهين، فالقادر يجب عليه بالقلب واللسان واليد، والعاجز يجب بالقلب لا غير، وإذا كان الواجب مختلفا بالنسبة إلينا جاز اختلافه بالنسبة إلينا وإليه تعالى، فالواجب من ذلك عليه تعالى التوعد والإنذار بالمخالفة لئلا يبطل التكليف.
لنا: إنه لطف وكل لطف واجب، والمقدمتان ظاهرتان.
المقام الثاني: إنهما هل يجبان على الأعيان أو على الكفاية؟ فقال الشيخ:
والأكثر: إنهما من فروض الكفاية، وقال قوم: هما من فروض الأعيان. قال:
وهو الأقوى عندي (1)، وبه قال ابن حمزة (2).
وقال السيد المرتضى: إنهما من فروض الكفاية (3).
احتج الشيخ بالعموم في القرآن، وبما رواه محمد بن عرفة قال: سمعت أبا الحسن - عليه السلام - يقول: لتأمرون بالمعروف ولتنهون عن المنكر، أو ليستعملن عليكم شراركم فيدعو خياركم فلا يستجاب لهم (4).
وعن أبي سعيد الزهري، عن الباقر - عليه السلام - قال: ويل لقوم لا يدينون