عنه حينا من الدهر ولذلك لما افترق أمر بنى أمية وبنى هاشم بالاسلام انما كان ذلك الافتراق بحصار بنى هاشم في الشعب لا غير ولم يقع كبير فتنة لاجل نسيان العصبيات والذهول عنها بالاسلام حتى كانت الهجرة وشرع الجهاد ولم يبق الا العصبية الطبيعية التي لا تفارق وهي بعزة الرجل على أخيه وجاره في القتل والعدوان عليه فهذه لا يذهبها شئ ولا هي محظورة بل هي مطلوبة ونافعة في الجهاد والدعاء إلى الدين ألا ترى إلى صفوان بن أمية وقوله عند ما انكشف المسلمون يوم حنين وهو يومئذ مشرك في المدة التي جعل له رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يسلم فقال له أخوه ألا بطل السحر اليوم فقال له صفوان اسكت فض الله فاك لان يربني رجل من قريش أحب إلى من أن يربني رجل من هوازن ثم إن شرف بنى عبد مناف لم يزل في بنى عبد شمس وبنى هاشم فلما هلك أبو طالب وهاجر بنوه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وحمزة كذلك ثم من بعده العباس والكثير من بنى عبد المطلب وسائر بنى هاشم خلا الجو حينئذ من مكان بنى هاشم بمكة واستغلظت رياسة بنى أمية في قريش ثم استحكمتها مشيخة قريش من سائر البطون في بدر وهلك فيها عظماء بنى عبد شمس عتبة وربيعة والوليد وعقبة بن أبي معيط وغيرهم فاستقل أبو سفيان بشرف بنى أمية والتقدم في قريش وكان رئيسهم في أحد وقائدهم في الأحزاب وما بعدها (ولما كان الفتح) قال العباس للنبي صلى الله عليه وسلم لما أسلم أبو سفيان ليلتئذ كما هو معروف وكان صديقا له يا رسول الله ان أبا سفيان رجل يحب الفخر فاجعل له ذكرا فقال من دخل دار أبى سفيان فهو آمن ثم من على قريش بعد أن ملكهم يومئذ وقال اذهبوا فأنتم الطلقاء وأسلموا وشكت مشيخة قريش بعد ذلك لابي بكر ما وجدوه في أنفسهم من التخلف عن رتب المهاجرين الأولين وما بلغهم من كلام عمر في تركه شوراهم فاعتذر لهم أبو بكر وقال أدركوا إخوانكم بالجهاد وأنفذهم لحروب الردة فأحسنوا الغناء عن الاسلام وقوموا الاعراب عن الحيف والميل ثم جاء عمر فرمى بهم الروم وأرغب قريشا في النفير إلى الشأم فكان معظمهم هنالك واستعمل يزيد بن أبي سفيان على الشأم وطال أمد ولايته إلى أن هلك في طاعون عمواس سنة ثماني عشرة فولى مكانه أخاه معاوية وأقره عثمان من بعد عمر فاتصلت رياستهم على قريش في الاسلام برياستهم قبيل الفتح التي لم تحل صبغتها ولا ينسى عهدها أيام شغل بنى هاشم بأمر النبوة ونبذوا الدنيا من أيديهم بما اعتاضوا عنها من مباشرة الوحي وشرف القرب من الله برسوله وما زال الناس يعرفون ذلك لبنى أمية وانظر مقالة حنظلة بن زياد الكاتب لمحمد بن أبي بكر ان هذا الامر ان صار إلى التغالب غلبك عليه بنو عبد مناف
(٣)