وسعيد بن العاص فأبى عبد الملك من رأيه وعرض عبد الله ومحمد بن مروان ما جاء به عبد الملك وتشاور أهل العراق بينهم وأشار عليهم عبد الرحمن بقبول ذلك وأن العزة لهم على عبد الملك لا تزول فتواثبوا من كل جانب منكرين لذلك ومجددين الخلع وتقدمهم في ذلك عبد الله بن دواب السلمي وعمير بن تيجان ثم برزوا للقتال وجعل الحجاج على ميمنته عبد الرحمن بن سليم الكلبي وعلى ميسرته عمارة بن تميم اللخمي وعلى الخيل سفيان بن الأبرد الكلبي وعلى الرجالة عبد الله بن حبيب الحكمي وجعل عبد الرحمن على ميمنته الحجاج بن حارثة لخثعمي وعلى ميسرته الأبرد بن قرة التميمي وعلى خيله عبد الرحمن بن العباس بن ربيعة بن الحرث بن عبد المطلب وعلى رجالته محمد بن سعد بن أبي وقاص وعلى مجنبته عبد الله بن رزم الحرشي وعلى القرى جبلة زخر بن قيس الجعفي وفيهم سعيد بن جبير وعامر الشعبي وأبو البحتري الطائي وعبد الرحمن بن أبي ليلى ثم أقاموا يتزاحفون كل يوم ويقتتلون بقية سنتهم وكتيبة القرى معروفة بالصبر يحملون عليها فلا تنتقص فعبى الحجاج ثلاث كتائب مع الجراح بن عبد الله الحكمي وحملوا على القرى ثلاث حملات وجبلة يحرض القرى ويبيتهم والشعبي وسعيد بن جبير كذلك ثم حملوا على الكتائب ففرقوها وأزالوها عن مكانها وتأخر جبلة عنهم ليكون لهم فئة يرجعون إليه وأبصره الوليد بن نجيب الكلبي فقصده في جماعة من أهل الشأم وقتله وجئ برأسه إلى الحجاج وقدموا عليهم مكانه وظهر القتل في القرى ثم اقتتلوا بعد ذلك ما يزيد على مائة يوم كثر فيها القتلى والمبارزة ثم اقتتلوا يوما في منتصف جمادى الآخرة وحمل سفيان ابن الأبرد في ميمنة الحجاج على ميسرة عبد الرحمن فانهزم الأبرد بن قرة من غبر قتال فتقوضت صفوف الميمنة وركبهم أصحاب الحجاج ثم انهزم عبد الرحمن وأصحابه ومضى الحجاج إلى الكوفة ومحمد بن مرو إلى الموصل وعبد الله بن عبد الملك إلى الشأم وأخذ الحجاج الناس على أن يشهدوا على أنفسهم بالكفر وقتل من أبى ذلك ودعا بكميل ابن زياد صاحب على فقتله لاقتصاصه ثم أقام بالكوفة شهرا وأنزل أهل الشأم في بيوت أهل الكوفة ولحق ابن الأشعث بالبصرة فاجتمع إليه جموع المنهزمين ومعه عبيد الله بن عبد الرحمن بن سمرة ولحق به محمد بن سعيد بن أبي وقاص بالمدائن وسار نحو الحجاج ومعه بسطام بن مصقلة بن هبيرة الشيباني كان قدم عليه قبل الهزيمة من الري وكان انتقض بها ثم غلب عليها ولحق بعبد الرحمن فكان معه وبايع عبد الرحمن خلق كثير على الموت ونزل مسكن وخندق عليه وعلى أصحابه والحجاج قبالتهم وقاتلهم خالد بن جرير بن عبد الله وكان قدم من خراسان في بعث الكوفة فقاتلهم خمسة عشر يوما من شعبان أشد قتال وقتل زياد بن غنيم القيني وكان على مالح الحجاج فهد منهم
(٤٩)