كما فعل بأصحابه قبلهم وكان ابن مقلة يجتمع بالقواد ويراسلهم ويجئ إليهم متنكرا ويغريهم ووضعوا على سيما أن منجما أخبره أنه ينكب القاهر ويقتله ودسوا إلى معر كان عنده أموالا على أن يحذره من القاهر فنفر واستوحش وحفر القاهر مطامير في داره فقيل لسيما والقواد انما صنعت لكم فازدادوا نفرة وكان سيما رئيس الساجية فارتاب بالقاهر وجمع أصحابه وأعطاهم السلاح وبعث إلى الحجرية فجمعهم عنده وتحالفوا على خلع القاهر وزحفوا إلى الدور وهجموا عليه فقام من النوم ووجد الأبواب مشحونة بالرجال فهرب إلى السطح ودلهم عليه خام فجاؤوه واستدعوه للنزول فأبى فتهددوه بالرشق بالسهام فنزل وجاؤا به إلى محبس طريف السيكرى فحبسوه مكانه وأطلقوه حتى سمل بعد ذلك وذلك لسنة ونصف من خلافته وهرب الحصيبي وزيره وسلامة حاجبه وقد قيل في خلعه غير هذا وهو أن القاهر لما تمكن من الخلافة اشتد على الساجية والحجرية واستهان بهم فتشاكوا ثم خافه حاجبه سلامة لأنه كان يطالبه بالأموال ووزيره الحصيبي كذلك وحفر المطامير في داره فارتابوا به كما ذكرنا وأسر جماعة من القرامطة فحبسهم بتلك المطامير وأراد أن يستظهر بهم على الحجرية والساجية فتنكروا ذلك وقالوا فيه للوزير وللحاجب فأخرجهم من الدار وسلمهم لمحمد ابن ياقوت صاحب الشرطة وأوصاه إليهم فازداد الساجية والحجرية ريبة ثم تنكر لهم القاهر وصار يعلن بذمهم وكراهتهم فاجتمعوا لخلعه كما ذكرنا ولما قبض القاهر بعثوا عن أبي العباس بن المقتدر وكان محبوسا مع أمه فأخرجوه وبايعوه في جمادى سنة ثنتين وعشرين وبايعه القواد والناس وأحضر علي بن عيسى وأخاه عبد الرحمن وصدر عن رأيهما وأراد علي بن عيسى على الوزارة فامتنع واعتذر بالنكير وأشار بابن مقلة فأمنه واستوزره وبعث القضاة إلى القاهر ليخلع نفسه فأبى فسمل وأمن ابن مقلة الحصيبي وولاه وولى الفضل بن جعفر بن الفرات نائبا عنه عن أعمال الموصل وقردى وباريدى وماردين وديار الجزيرة وديار بكر وطريق الفرات والثغور الجزرية والشامية وأجناد الشأم وديار مصر يعزل ويولى من يراه في الخراج والمعادن والنفقات والبريد وغير ذلك وولى الراضي على الشرطة بدرا الحمامي وأرسل إلى محمد بن رائق يستدعيه وكان قد استولى على الأهواز ودفع عنها ابن ياقوت من تلك الولاية إلى السوس وجندي سابور وقد ولى على أصبهان وهو يروم المسير إليها فلما ولى الراضي استدعاه للحجابة فسار إلى واسط وطلب محمد بن ياقوت الحجابة فأجيب إليها فسار في اثر ابن رائق وبلغ ابن رائق الخبر فسار من واسط مسابقا لابن ياقوت بالمدائن توقيع الراضي بالحرب والمعادن في واسط مضافا إلى ما بيده من البصرة والمعادن فعاد منحدرا في
(٣٩٧)