ورفيقه محبة الأخيار.
أقول: أنظر أيدك الله تعالى إلى ما دل عليه هذا الخبر الشريف من جعله هذه الأخلاق الملكوتية أجزاء من العلم وآلات له وأسبابا وأعوانا فكيف يكتفى في علم العالم والرجوع إليه والاعتماد في الأحكام الشرعية عليه بمجرد اتصافه بالعلوم الرسمية وعدم اتصافه بهذه الأخلاق الملكوتية.
قال المحقق المدقق ملا محمد صالح المازندراني في شرحه على الكتاب ما صورته:
نبههم على أن العلم إذا لم تكن معه هذه الفضائل التي بها تظهر آثاره فهو ليس بعلم حقيقة ولا يعد صاحبه عالما.. إلى أن قال - بعد شرح الفضائل المذكورة - ما لفظه:
وهي أربعة وعشرون فضيلة من فضائل العلم فمن اتصف بالعلم واتصف علمه بهذه الفضائل فهو عالم رباني وعلمه نور إلهي متصل بنور الحق مشاهد لعالم التوحيد بعين اليقين ومن لم يتصف با لعلم أو اتصف به ولم يتصف علمه بشئ من هذه الفصائل فهو جاهل ظالم لنفسه بعيد عن عالم الحق وعلمه جهل وظلمة يرده إلى أسفل السافلين وما بينهما مراتب كثيرة متفاوتة بحسب تفاوت التركيبات في القلة والكثرة وبحسب ذلك يتفاوت قربهم وبعدهم عن الحق والكل في مشيئة الله تعالى انشاء قربهم ورحمهم وإن شاء طردهم وعذبهم. انتهى كلامه علت في الخلد أقدامه. وهو كما ترى صريح في ما قلناه واضح في ما ادعيناه.
وروى في الكتاب المذكور (1) بسنده إلى أبي عبد الله (عليه السلام) قال: طلبة العلم ثلاثة فأعرفهم بأعيانهم وصفاتهم: فصنف يطلبه للجهل والمراء وصنف يطلبه للاستطالة والختل وصنف يطلبه للفقه والعقل فصاحب الجهل والمراء مؤذ ممار متعرض للمقال في أندية الرجال يتذاكر العلم وصفة الحلم قد تسربل بالخشوع وتخلى من الورع فدق الله تعالى من هذا خيشومه وقطع منه حيزومه وصاحب الاستطالة والختل ذو خب وملق يستطيل على مثله من أشباهه ويتواضع للأغنياء