الوصف يشعر بالعلية وهو مشعر بأن الفاسق ليس أهلا لهذا المقام ولا صالحا لتقلد هذه الأحكام، وإذا كان الشارع لم يره أهلا لذلك ولا صالحا لسلوك هذه المسالك فهو في معنى منعه له عن ذلك فادخاله نفسه في ما لم يره الله أهلا له وتعرضه له موجب لمخالفته له (عز وجل) ومجرد تدليس وتلبيس حمله عليه إبليس. وجواز اقتداء الناس به وقبول شهادته من حيث عدم ظهور فسقه لهم لا يدل على جواز الدخول لأن حكم الناس في ذلك على حدة وحكمه وهو في نفسه على حدة والكلام إنما هو في الثاني وأحدهما لا يستلزم الآخر. ونظره في الأحكام الشرعية غير عزيز فإن لحم الميتة حكمه في حد ذاته الحرمة وعدم جواز أكله وبالنسبة إلى من لا يعلم بكونه ميتة جواز أكله.
ويؤيد ما قلناه ظواهر جملة من الأخبار مثل صحيحة أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) (1) قال: خمسة لا يؤمون الناس على كل حال: المجذوم والأبرص والمجنون وولد الزنا والأعرابي ونحوها صحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) وقد تقدمت (2).
والتقريب فيهما أن ظاهرهما توجه النهي إلى هؤلاء عن الإمامة بالناس لأنهم ليسوا من أهلها باعتبار ما هم عليه من الأمور المذكورة المانعة من أهلية الإمامة، وبعض الأخبار وإن ورد أيضا في نهي الناس عن الائتمام بهم إلا أنه إنما يتوجه إلى المؤتمين وأما في هذين الخبرين الصحيحين فإنما هو متوجه إلى الإمام بأن لا يكون من أحد هؤلاء فلو فرضنا عدم علم الناس بما هم عليه من هذه الصفات المانعة من الائتمام مع اعتقادهم العدالة فيهم فإنه يجوز لهم الاقتداء بهم بناء على الظاهر إلا أنه بمقتضى هاتين الصحيحتين لا يجوز لهم الإمامة لما هم عليه من الموانع المذكورة وإن خفيت على الناس، ولا أظن أحدا يخالف في ما قلناه. وهذا بعينه جار في الفاسق الذي هو محل البحث بأن كان عالما بفسق نفسه وإن خفي على الناس.