المشهور بين الأصحاب المتلقاة بينهم بالقبول المعتمد عليها في الفتوى وقد أجمعوا على ترك العمل بظاهر هذه الرواية وقد قال الصادق (عليه السلام) (1) خذ بما اشتهر بين أصحابك ودع الشاذ الذي ليس بمشهور فإن المجمع عليه لا ريب فيه والله الهادي.
انتهى كلامه زيد مقامه.
أقول: لا ريب أن الذي أوجب لها (نور الله مرقديهما) ارتكاب هذه التأويلات البعيدة والتمحلات السخيفة الغير السديدة إنما هو صعوبة المخرج من هذه الشروط المذكورة التي اشتمل عليها الخبر وعدم سهولة القيام بها كما أمر سيما مع قولهم بعموم ذلك في إمام الجماعة والشاهد وإلا فمع تخصيص الخبر بالنائب عنهم (عليهم السلام) في القضاء والفتوى لا استبعاد فيه عند من تأويل في غيره من الأخبار المؤيدة له كما سيظهر لك إن شاء الله تعالى. وصعوبة الأمر بالنسبة إلى القضاء والفتوى اللذين هما من خواص النائب عنهم (عليهم السلام) لا يوجب طعنا في الخبر فإنه إنما نشأ من المكلفين باخلالهم بما أخذ عليهم في الجلوس في هذا المجلس الشريف والمحل المنيف فإنه مقام خطير ومنصب كبير كما سيظهر لك إن شاء الله تعالى وأكد الشبهة المذكورة ما اشتهر بين الناس في أكثر الأعصار والأمصار من أن النائب عنهم (عليهم السلام) هو كل من كانت له اليد الطولى والمرتبة العليا في هذه العلوم الرسمية وإن لم يتصف بشئ من علم الأخلاق سيما إن هذا العلم اندرست مراسمه وانطمست معالمه كما أشرنا إليه آنفا.
والذي يدل على ما قلناه من خروج هذا الخبر بالنسبة إلى النائب عنهم (عليهم السلام) (أولا) ما ذكره الإمام العسكري (صلوات الله عليه) في التفسير المتقدم ذكره من الكلام قبل هذا الخبر ثم صب عليه هذا الخبر وصاحب الاحتجاج إنما أخذه من الكتاب المذكور: