موظفة لا ينبغي تركها كالرواتب اليومية بل إن كانت فهي من التطوعات التي من أحبها وقوى عليها فعلها كما يشعر به حديث سماعة وغيره.
وهو وإن كان بعيدا أيضا إلا أنه أقل بعدا مما تقدم، وجه البعد أما بالنسبة إلى أخبار القول المشهور فإن تكاثرها واستفاضتها - بل ربما يدعى تواترها معنى اجمالا وتفصيلا كما لا يخفى على من راجعها - يبعد خروجها كملا مخرج التقية سيما مع اقترانها بفتوى الطائفة قديما وحديثا إلا الشاذ. وأما بالنسبة إلى حمل أخبار القول بنفيها على نفي التأكيد ففيه أن الأخبار قد تصادمت في فعل النبي صلى الله عليه وآله لها وعدمه، فهذه الأخبار ظاهرا أن النبي صلى الله عليه وآله لم يفعل ذلك مدة حياته وتلك الأخبار قد تكاثرت وتعاضدت بأنه كان يصليها، ولا معنى هنا للجمع بالتأكيد وعدمه بل ليس إلا الترجيح لأخبار أحد الطرفين ورمي الآخر من البين.
وبالجملة فإن المسألة من مشكلات المسائل وإليه يميل كلام صاحب المدارك وإن كان قد قوى بعد ذلك القول المشهور بما ذكره من الوجوه.
وبعض المحققين من متأخري المتأخرين القائلين بالقول المشهور حمل الأخبار الدالة على نفي هذه النافلة على التقية، قال لأنها موافقة لبعض ما روته العامة كما في صحيح البخاري (1) (أنه قيل لعائشة كيف كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وآله في شهر رمضان؟ فقالت ما كان يزيد في شهر رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة يصلي أربع ركعات ثم يصلي أربعا ثم يصلي ثلاثا قال ولهذا جعل ابن طاووس من جملة محامل هذه الأخبار التقية متأيدا بما تقدم في رواية ابن مطهر من تكذيب الراوي والدعاء عليه، وربما يؤيده أيضا ما مر سابقا من حديث جابر، وأما تلك الأخبار فهي مع كثرتها ليست بهذه المثابة لأن العامة إنما يقولون بالتراويح وهي عند أكثرهم كما ذكرنا سابقا ستمائة ركعة في كل ليلة عشرون ركعة بعد العشاء وعند مالك في كل ليلة ست وثلاثون ركعة بعد العشاء أيضا (2) وكلاهما مخالفان لما