يده مال لغيره أمانة أو تجارة أو نحو ذلك، أو جرى بينه وبين غيره خصومة أو نزاع وإن اعتدى عليه، فإن كان ممن لا يتعدى في ذلك الحدود الشرعية والنواميس المرعية فهو هو وإلا فلا، وأما من لم يحصل الاطلاع على باطن أحواله بوجه وإن رؤي ملازما على الصلاة أو الدرس أو التدريس والافتاء فضلا عن أن يكون من الغثاء فهو من قبيل مجهول الحال لا يصدق عليه أنه يعرف بذلك بل يحتمل أن يكون كذلك وأن لا يكون، وكم قد رأينا في زماننا من هو ملازم للصلاة والدعاء وسائر العبادات بل التصدر للتدريس والفتوى وإمامة الجماعة حتى إذا صار بينه وبين أحد معاملة الدرهم والدينار أو وقع في يده مال طفل أو مسجد أو وقف أو نحو ذلك انقلب إلى حالة أخرى وصار همه التوصل بالغلبة والاستيلاء بكل وجه ممكن وإن تفاوتت في ذلك أفراد الناس باعتبار تفاوت المقامات، ونحو ذلك فيما إذا اعتدى عليه معتد باللسان أو سلب المال فربما قابله بأزيد مما اعتدى عليه وربما استنكف عن ذلك حياء من الناس في الظاهر ولكن يتربص به الغوائل وينصب له شباك العداوة ولو أنه قابل بالصفح والحلم والعفو لكان هو هو.
وبالجملة فإنه إنما تعرف أحوال الناس وما هم عليه من هذه الأشياء المذكورة في الخبر وحسن وقبح وعدالة وفسق بالابتلاء والامتحان في المعاملات والمحاورات والمخاصمات، فيجب أن ينظر حاله لو كان له على غيره مال في الاقتضاء ولو كان لغيره عليه مال في القضاء وكيف حاله في الغضب إن اعتدى أحد عليه وما الذي يجري منه لو أساء أحد إليه ونحو ذلك، فإن كان في جميع ذلك إنما يقابل بالرضا والانقضاء وحسن المعاملة في القضاء والاقتضاء والجري على قواعد الشريعة المحمدية ولا يستفزه الغضب في الخروج عن تلك الطريقة العلية فهو هو وإلا فليس بذلك.
وهذا هو الذي لحظه (عليه السلام) في الخبر وبه تشهد رؤية العيان وعدول الوجدان ولا سيما في هذا الزمان، وهذا هو الذي يتبادر من العبارة المذكورة أعني قولنا إن العدالة عبارة عن حسن الظاهر أي حسن ما يظهر منه بعد الابتلاء والامتحان