أصبح الناس صياما ولم يروا الهلال وجاء قوم عدول يشهدون على الرؤية فليفطروا وليخرجوا من الغد أول النهار إلى عيدهم) فإنه كما ترى مطلق في كون ثبوت الرؤية قبل الزوال أو بعده.
قال في الوافي بعد ذكر هذا الخبر أيضا: يعني إذا شهدوا بعد فوات الوقت.
ومراده يعني بعد الزوال الذي هو آخر الوقت بقرينة كلامه الأول.
ولا يخفى عليك أن صحة هذه التأويلات التي ذكرها في ذيل كل من هذين الخبرين موقوفة على قيام الدليل على ما ادعوه من الامتداد إلى الزوال وقد عرفت أنه لا دليل عليه، وحينئذ فلا ثمرة لهذه التأويلات واخراج الأخبار عن ظاهرها من غير معارض.
ويعضد ما ذكرناه ما رواه في كتاب دعائم الاسلام عن علي (ع) (1) (في القوم لا يرون الهلال فيصبحون صياما حتى يمضي وقت صلاة العيد من أول النهار فيشهد شهود عدول أنهم رأوه من ليلتهم الماضية؟ قال يفطرون ويخرجون من غد فيصلون صلاة العيد في أول النهار) فإنها كما ترى ظاهرة الدلالة في أن وقت صلاة العيد أول النهار وهو بعد طلوع الشمس كما صرحت به الأخبار المتقدمة، وأن الشهود إذا كانوا إنما شهدوا بعد مضي ذلك الوقت أفطر الناس وأخروا صلاة العيد إلى الغد وبالجملة فإنه لا يظهر لما ذكروه (رضوان الله عليهم) دليل غير الاجماع الذي ادعوه، وطرح هذه الأخبار التي قدمناها مع صحة بعضها صراحة الجميع في مقابلة هذا الاجماع مما لا يتجشمه ذو دين سيما مع ظهور القدح في اجماعاتهم كما تقدم في صلاة الجمعة وفي هذا الاجماع بخصوصه بمخالفة الشيخين المذكورين كما أشرنا إليه. وحمل تلك الأخبار على معنى تتفق به مع الاجماع المذكور غير ظاهر.
وأنت خبير بأن البحث في هذه المسألة نظير ما تقدم في وقت صلاة الجمعة حيث إن أكثر الأصحاب على الامتداد فيه إلى المثل ومنهم من زاد على ذلك وجعله