أقول: قد عرفت أن شيخنا الشهيد في الروض ومثله في المسالك أيضا إنما استند في تحريم السفر في هذه الصورة إلى ما ذكره من لزوم توقف وجود الشئ على عدمه وإن عبر عنه بالدور تجوزا، فإن السفر إن ساغ أوجب القصر فتسقط الجمعة حينئذ لعدم وجوبها على المسافر، وحاصل كلام المحقق الشيخ على يرجع إلى منع هذه المقدمة أعني قوله إذا وجب القصر سقطت الجمعة بتخصيص السقوط بما إذا لم يكن السفر طارئا على الوجوب أما لو كان السفر طارئا على الوجوب فلا كما في المثال الذي نظر به.
وأما ما أجاب به في المدارك - من الاستناد إلى اطلاق الأخبار بسقوط الجمعة عن المسافر - فيمكن الجواب عنه بأن الاطلاق إنما ينصرف إلى الأفراد المتكررة المتكثرة الشائعة وهو السفر قبل حصول الوجوب دون هذا الفرد النادر الوقوع.
وأما ما طعن به من بطلان القياس فالظاهر أن المحقق المذكور إنما قصد بذلك التنظير لدفع الاستبعاد. وأما قوله - إن الحق تعين القصر في صورة الخروج بعد الزوال - ففيه أنه وإن كان ذلك هو الذي اختاره لكن الرواية الدالة عليه لا تخلو من العلة كما سيأتي توضيحه إن شاء الله تعالى في محله مع شهرة القول بما ذكره المحقق المذكور وتأيده بظواهر كثير من الأخبار كما سيأتي إن شاء الله تعالى بيان ذلك.
وإلى القول بالجواز كما ذهب إليه المحقق المذكور ذهب الفاضل الخراساني في الذخيرة أيضا ونقله عن بعض الأصحاب غير المحقق المذكور آنفا قال لنا - إن مقتضى التحريم تفويت الجمعة وهو غير لازم في صورة التمكن إذا لا مانع من إقامة الجمعة في السفر (فإن قلت) فعلى هذا يلزم أن تكون الجمعة في السفر واجبة عليه مع أنه خلاف النصوص (قلت) التخصيص لازم في النصوص الدالة على عدم وجوب الجمعة على المسافر بأن تخص بمسافر لم يتوجه إليه التكليف قبل السفر، بيان ذلك أن ههنا حكمين عامين (أحدهما) إن كان حاضر تجب عليه صلاة الجمعة. و (ثانيهما) أن كل مسافر لا تجب عليه صلاة الجمعة، والمكلف قبل انشاء السفر داخل في موضوع