وفي الصحيح عن عمر بن يزيد، عن الصادق - عليه السلام - قال: إذا قدمت مكة يوم التروية وقد غربت الشمس فليس عليك متعة امض كما أنت بحجك (1).
قال الشيخ في كتابي الأخبار: المتمتع يكون عمرته تامة ما أدرك الموقفين، وسواء كان ذلك يوم التروية أو ليلة عرفة أو يوم عرفة إلى بعد الزوال، فإذا زالت الشمس من يوم عرفة فقد فاتت المتعة، لأنه لا يمكنه أن يلحق الناس بعرفات، إلا أن مراتب الناس تتفاضل في الثواب، فمن أدرك يوم التروية عند زوال الشمس يكون ثوابه أكثر ومتعته أكمل ممن يلحق بالليل، ومن يلحق بالليل أكمل ممن يلحق يوم عرفة. والمراد في الأخبار الدالة على أن من لم يدرك يوم التروية فقد فاتته المتعة فوت الكمال، والأمر يجعلها حجة مفردة إذا غلب على ظنه أنه إذا اشتغل بالطواف والسعي والإحلال فاته الموقفان (2).
وهذا الحمل لا بأس به.
بقي هاهنا بحث مهم: وهو أنه لو عرف أنه يدرك عرفة اضطراريا ويدرك المشعر خاصة اختياريا هل تفوته العمرة؟ ظاهر كلام ابن إدريس عدم الفوات، لأنه علل بأن وقت الوقوف للمضطر إلى طلوع فجر النحر (3).
والأقرب عندي خلاف ذلك، وأن المتعة تفوته، لما رواه زرارة في الصحيح، عن الباقر - عليه السلام - قال: سألته عن الرجل يكون في يوم عرفة بينه وبين مكة ثلاثة أميال وهو متمتع بالعمرة إلى الحج، فقال: يقطع التلبية تلبية المتعة، ويهل بالحج بالتلبية إذا صلى الفجر، ويمضي إلى عرفات فيقف مع الناس ويقضي جميع المناسك ويقيم بمكة حتى يعتمر عمرة المحرم ولا شئ عليه (4).