وبعض قال: لا يخلو الصيد إما أن يكون حيا أو لا، فإن كان حيا فلا يجوز له ذبحه بل يأكل الميتة، لأنه إذا ذبحه صار ميتة بغير خلاف. فإما أن كان مذبوحا فلا يخلو ذابحه إما أن يكون محرما أو محلا، فإن كان محرما فلا فرق بينه وبين الميتة، وإن كان ذابحه محلا فإن ذبحه في الحرم فهو ميتة أيضا، وإن ذبحه في الحل فإن كان المحرم المضطر قادرا على الفداء أكل الصيد ولم يأكل الميتة، وإن كان غير قادر على فدائه أكل الميتة.
قال: وهذا الذي يقوى في نفسي، لأن الأدلة تعضده وأصول المذهب تؤيده، وهو الذي اختاره شيخنا في اسبتصاره. وذكر في نهايته أنه يأكل الصيد ويفديه ولا يأكل الميتة، ثم رجع عما قواه وقال: الأقوى عندي أنه يأكل الميتة على كل حال، لأنه مضطر إليها، ولا عليه في أكلها كفارة، ولحم الصيد ممنوع منه، لأجل الإحرام على كل حال، لأن الأصل براءة الذمة من الكفارة (1).
والأقرب عندي خيرة المفيد.
لنا: إن أكل الصيد حينئذ سائغ باتفاق أكثر علمائنا فيكون راجحا على الآخر.
ولأن الصيد فداء يسقط إثمه بخلاف الميتة.
ولأن بعض الناس يذهب إلى أن الصيد ليس بميتة، وأنه مذكى وأكله مباح، بخلاف الميتة المتفق على تحريمها.
ولأنهما اشتركا في التحريم والإثم اختيارا، والإباحة حالة الاضطرار، واختصت الميتة بفساد في المزاج، فيكون أكلها مع الاجتماع ممنوعا.
وما رواه منصور بن حازم قال: سألت أبا عبد الله - عليه السلام - عن محرم اضطر إلى أكل الصيد والميتة، قال: أيهما أحب إليك أن تأكل؟ قلت: الميتة،