ستعرف اشتراط كونه عن قيام إذ لا تنافي بين الجهتين بل ظاهر معاقد اجماعاتهم المحكية كصريح بعض كلماتهم ان ركنيته التي انعقدت اجماعهم عليها انما هي بهذه الملاحظة اي بلحاظ نفسه من حيث هو لا من حيث شرطيته لركن اخر من تكبيرة الاحرام أو الركوع ولكن إقامة الدليل عليه مشكل خصوصا لو فسر الركن بما كانت زيادته كنقصه عمدا و سهوا مبطلة كما في جملة من كلماتهم بل عن غير واحد نسبته إلى الأصحاب فجعلوا اتفاق كلمتهم على أنه ركن دليلا عليه بالمعنى المزبور فاحتاجوا في الموارد الكثيرة التي علم عدم اختلال الصلاة بزيادة القيام فيها إلى التشبث بادلتها الخاصة الدالة عليه وجعلوها مخصصة لما اقتضاه قاعدة الركنية كما في زيادة الركوع في بعض الموارد و كيف كان فقد استشكل جماعة من المتأخرين منهم المحقق الثاني على ما حكى عنهم اطلاق القول بركنية القيام بان ناسي القراءة وابعاضها صلاته صحيحة مع فوات بعض القيام المستلزم لفوات المجموع فعدلوا على القول بالاطلاق إلى ما حكى عن الشهيد في بعض تحقيقاته من أنه قال إن القيام بالنسبة إلى الصلاة على انحاء فالقيام في النية شرط كالنية والقيام في التكبير تابع له في الركنية والقيام في القراءة واجب غير ركن والقيام المتصل بالركوع ركن فلو ركع جالسا بطلت صلاته وان كان ناسيا والقيام من الركوع واجب غير ركن إذ لو هوى من غير قيام وسجد ناسيا لم تبطل صلاته والقيام في القنوت تابع له في الاستحباب انتهى وعن المحقق الثاني الاستشكال في استحباب القيام حال القنوت بأنه متصل بقيام القراءة فهو في الحقيقة قيام واحد فكيف يتصف بعضه بالوجوب وبعضه بالاستحباب ورد بان مجردا الاتصال ليس بمانع عن ذلك بعد وجود خواص الندب فيه وربما أجيب عن أصل الاشكال بما محصله ان الركن إذا كان مركبا فالاجزاء كالقيام والسجدتين فنقصه عبارة عن تركه رأسا اي ترك جميع اجزائه وزيادته عبارة عن زيادة الجميع فنقص القيام الركني معناه هو ان لم يأت بشئ منه وزيادته عبارة عن زيادة جميعه المستلزم لزيادة التكبير والركوع ولا ينافيه اقتضاء زيادتهما أيضا للبطلان واستناد البطلان اليهما إذ علل الشرع معرفات وفيه ان مقتضاه في لبطلان من حيث الاخلال بالقيام الركني فيما لو اتى بشئ من القيام في حال القراءة وتركه قبل الركوع وحال التكبير مع أنهم بحسب الظاهر لا يلتزمون به فلا مدخلية لقيامه في هذا الحال وجودا وعدما في ركنيته وانما العبرة بما اتصل منه بالركوع وما وقع في حال التكبير واما ما عداهما فلا شبهة في عدم مدخلية زيادته ونقصه سهوا في البطلان وكيف كان فقد استدلوا الركنية بالاجماع المستفيض نقله بل تواتره وبظواهر النصوص الدالة على اعتبار القيام في الصلاة مطلقا الشاملة باطلاقها الحال السهو أيضا خصوصا مثل قوله عليه السلام لا صلاة لمن لم يقم صلبه الدال بظاهره على انتفاء حقيقتها عند انتفائه وبأصالة الركنية في كل ما ثبتت شرطيته أو جزئيته في الجملة وانما يستدل بالأخيرين لاثبات ركنيته بمعنى كون نقصه عمدا أو سهوا مبطلا دون زيادته فعمدة المستند لاثبات كون زيادته أيضا كذلك هو الأول اي الاجماع بعد دعوى ظهور كلمات المجمعين في إرادة الركن بهذا المعنى وربما يستدل له أيضا بعموم ما دل على أن من زاد في صلاته فعليه الإعادة ومع العمد بكونه زيادة تشريعية وهي مبطلة وقد تبين ضعف جميع هذه الوجوه التي تشبثوا بها لاثبات البطلان بزيادته حتى الاجماع في مبحث التكبير فلا نطيل بالإعادة بل نقول في المقام انه ينبغي الجزم بعدم بطلان الصلاة بزيادة القيام أصلا حتى المتصل منه بالركوع ما لم يستلزم الاخلال من جهة أخرى كفوات الموالاة بين الاجزاء أو حصول الفعل الكثير الماحي للصورة أو زيادة الركوع ونحوه وكفاك شاهدا لذلك وجوب تدارك القراءة والسجدة المنسيتين ما لم يركع فإنه يجب عليه ذلك وان هوى إلى الركوع ولم يبلغ حده مع أنه لم يدع في الفرض شيئا من القيام المعتبر في الركعة والا قد اتى به وعند تدارك السجدة المنسية تتحقق زيادة جميعه حتى القيام المتصل بالركوع فان عدم اتصافه بالاتصال بالركوع نشاء من رجوعه قبل الحاق الركوع به لا من تركه للقيام ودعوى ان الركن هو القيام المتصل بالركوع فلا يعقل زيادته بلا ركوع فرجوعه قبل الركوع في مثل الفرض مانع عن حصول صفة الاتصال بالركوع التي هي من مقومات ركنيته مدفوعه بأنه لا دليل على اعتبار هذا الوصف قيدا في القيام الواجب في الصلاة كي يعقل ان يكون دخيلا في ركنيته بل الواجب نصا وفتوى هو القيام الواقع قبل الركوع حال القراءة والتكبير واتصاله بالركوع ليس شرطا في صحة القيام إذ لا دليل عليه بل هو شرط في صحة الركوع حيث اعتبر فيه كونه عن قيام فليتأمل وربما يستدل له أيضا بقاعدة الشغل وبتنظير الصلاة بالمركبات الخارجية التي يخلها الاخلال بشئ من اجزائها زيادة ونقصا وفيهما مالا يخفى فان تنظيرها بالمركبات الخارجية مما لا ينبغي الالتفات إليه والمرجع لدى الشك في شرطية شئ أو جزئيته أو مانعية هي البراءة واصل العدم ونحوهما من الأصول النافية للتكليف لا الاشتغال كما تقرر في محله هذا مع أنه لا موقع لاجراء اصالة الاشتغال أو البراءة ونحوها في مثل المقام إذ لا يترتب على جزئيته أو مانعية زيادته في حال السهو ثمرة عملية فان زيادته وتركه سهوا فيما عدى ما كان منه حال التكبير وما اتصل بالركوع غير مبطل جزما لزيادته أو نقصه في الحالين مبطل جزما وانما الاشكال في أن منشأ البطلان هل هو ركنيته القيام من حيث هو أو شرطيته لركن اخر فليتأمل وقد تلخص مما ذكر انه لا دليل على أن زيادة القيام من حيث هي مبطلة بل قضية الأصل في لبطلان حتى مع العمد لو لم يكن اجماعيا فضلا عن السهو واما نقصه سهوا فهو أيضا كذلك على الأظهر لأن عمدة ما ذكروه دليلا له هي ظهور الأدلة في اعتباره على الاطلاق وفيه ان قوله عليه السلام في صحيحة زرارة لا تعاد الصلاة الا من خمسة الحديث وكذا قوله في مرسلة سفيان تسجد سجدتي السهو لكل زيادة ونقيصة حاكم على مثل هذه المطلقات فيقيدها بصورة العمد وكون النسبة بينهما العموم من وجه غير مجد فان الحاكم مقدم على كل حال كما تقدمت الإشارة إليه مرارا ويأتي توضيحه وتقريب وجه حكومة الخبرين على مثل هذه المطلقات في محله إن شاء الله هذا مع أن تقييد تلك المطلقات بحال العمد بالنسبة إلى كثير من الموارد التي تقدمت الإشارة إليها في عبارة الشهيد وغيره مما لابد منه ومعه لا يبقى لها قوة ظهور في الشمول لحال السهو فيما عدى تلك الموارد بحيث يصلح لمعارضة الخبرين فضلا عن أن يترجح عليهما واما الاستدلال بأصالة الركنية ففيه بعد الغض عن انه لا مجال للتمسك بهذا الأصل كسائر الأصول بعد ورود النص بخلافه اي الصحيحة المتقدمة ان هذا الأصل غير أصيل لأن مبناه دعوى استحالة
(٢٥٥)