فإنها من الصلاة نصا واجماعا عدى ما حكى عن شاذ من المخالفين من القول بخروجها من الصلاة وقضية ذلك تحقق الدخول في الصلاة فان الدخول في الصلاة عبارة عن التلبس بها الحاصل بمجرد الاشتغال بأول جزء منها من غير توقف على اتمامه فلا حاجة لنا إلى ادعاء ان جزء الجزء جزء ولكن حرمة المنافيات لا تتحقق الا بعد اتمام التكبيرة التي جعلها الشارع تحريمها ولا منافاة بينهما وما عن السيد في عبارته الآتية من دعوى الاجماع على أن ما لم يتم التكبير لا يدخل في الصلاة محمول على الدخول الذي يحرم معه فعل المنافي والا فينافيه فرض الجزئية التي لا خلاف فيها بيننا كما عرفت ولكن قد يشكل ذلك باطلاق ما دل على حرمة المنافيات في الصلاة وقد تفصى شيخنا المرتضى رحمه الله عن ذلك بجعل الفراغ من التكبير كاشفا عن الدخول في الصلاة من أوله تبعا لما حكى عن السيد في الناصريات حيث قال في بعض كلام له ما لفظه لا يقال الاجماع على أنه ما لم يتم التكبير لا يدخل في الصلاة فيكون ابتدائه وقع خارج الصلاة فكيف يصير بعد ذلك منها لأنا نقول إذا فرغ من التكبير تبين ان جميع التكبير من الصلاة انتهى وقال شيخنا المرتضى بعد نقل العبارة المحكية عن السيد ورفع بعض الخدشات الموردة عليه ما لفظه ثم الظاهر أن وجه الحكم بالكشف المذكور هو الجمع بين المقدمات الثلاث أعني حصول التحريم بمجموع التكبير فان توقف تحريم المنافيات في الصلاة وكون جزء الجزء جزء فما في المدارك من أن الحكم بالكشف تكلف مستغنى عنه وان الحق تحقق الدخول بمجرد الشروع في التكبير فان توقف تحريم المنافيات على انتهاء التكبير حكم اخر محل نظر لأن الجمع بما ذكروه أولى من تخصيص أدلة تحريم المنافي في الصلاة بما بعد التكبير انتهى أقول لقائل ان يقول إن أدلة تحريم الكلام ونحوه من المنافيات كما لا تعم الكلام الواقع في أثناء التكبير بناء على التوجيه المذكور فكذلك الأخبار الناهية عن الكلام في الصلاة المسوقة لبيان الحكم الوضعي قاصرة الشمول عن ذلك فإنه يلزم من فرض شمولها له عدم فرديته للقيام وكل فرد يكون كذلك يمتنع ان يعمه حكم العام مع أنها تعمه بلا شبهة والا لم يكن الكلام الغير المفوت للموالاة في أثناء التكبير منافيا للصلاة كما أنه ليس بمحرم اللهم الا ان يقال إن استفادة منافاته للصلاة من تلك الأخبار انما هي بالفحوى وأولوية الدفع من الرفع لا بالدلالة اللفظية كما أنه لو دل دليل على قاطعية القهقهة للصلاة وحرمتها فهو لا يعم بمدلوله اللفظي القهقهة المقارنة الأول الصلاة عند الشروع فيها فلا يعمها الحرمة ولكن يفهم مانعيتها عن انعقاد الصلاة بتنقيح المناط والأولوية المزبورة وكيف كان فالصواب في الجواب عن الاشكال بعد تسليم عموم أو اطلاق الأدلة تحريم المنافيات والغض عن أن جل مطلقاتها ان لم يكن كلها مسوقة لبيان الحكم الوضعي الثابت حال التكبير أيضا هو ان ظهور قوله عليه السلام تحريمها التكبير في سببية التكبير للحرمة المقتضية لعدم مسببه الا بعد تمام سببه حاكم على اطلاقات أدلة تحريم المنافيات فإنه بمدلوله اللفظي متعرف لحالها ومقيد لاطلاقها فلا منافاة وهي ركن بمعنى ان تركها عمدا وسهوا مخل كالنية وفي كون زيارتها أيضا كذلك كما ربما يفسر به الركن تأمل ان لم يكن اجماعيا كما سيأتي تحقيقه إن شاء الله فالقدر المسلم كونه ركنا انما هو بالمعنى المزبور وهو انه لا تصح الصلاة من دونها ولو أخل بها نسيانا وهذا مما لا خلاف فيه على الظاهر بل ادعى غير واحد عليه الاجماع ويدل عليه مضافا إلى ذلك جملة من الاخبار منها صحيحة زرارة قال سئلت أبا جعفر عليه السلام عن الرجل ينسى تكبيرة الافتتاح قال يعيد ورواية ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله عليه السلام قال في الرجل يصلي فلم يفتتح بالتكبير هل يجزيه تكبيرة الركوع قال لا بل يعيد صلاته إذا حفظ انه لم يكبر وموثقة عبيد بن زرارة قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل أقام الصلاة ونسي ان يكبر حين افتتح الصلاة قال يعيد الصلاة وخبر محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام في الذي يذكر انه لم يكبر في أول صلاته فقال إذا استيقن انه لم يكبر فليعد ولكن كيف يستيقن وحسنة ذريح عن أبي عبد الله عليه السلام قال سئلته عن الرجل ينسى ان يكبر حتى قرء قال يكبر وصحيحة علي بن يقطين قال سئلت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل ينسى ان يفتتح الصلاة حتى يركع قال يعيد الصلاة وموثقة عمار قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل سهى خلف الإمام فلم يفتتح الصلاة قال يعيد الصلاة ولا صلاة بغير افتتاح وربما يظهر من بعض الروايات ما ينافي هذه الأخبار كصحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن رجل نسي أن يكبر حتى دخل في الصلاة فقال ليس كان من نيته أن يكبر قلت نعم قال فليمض في صلاته وهذه الصحيحة وان كانت أخص مطلقا من الأخبار المتقدمة ولكن لا يمكن ارتكاب التخصيص في تلك الأخبار مثل هذه الصحية لاستلزامه تنزيل تلك الأخبار المستفيضة على فرض نادر التحقق فالأولى حمل الصحيحة على التقية حيث حكى القول بمضمونها اي الاكتفاء بالنية عن بعض العامة ويحتمل قويا ان يكون الامر بالمضي مع سبق النية التي هي امارة الفعل لعدم حصول الجزم بالترك في مثل الفرض أو كونه جزما في غير محله حيث إن نسيان التكبيرة التي هي افتتاح الصلاة كاد ان يكون ممتنعا في العادة بالنسبة إلى المنفرد المستقل بصلاته كما أشار إليه الصادق عليه السلام في مرسلة الصدوق حيث قال عليه السلام لا ينسى تكبيرة الافتتاح وعلى تقدير تحققه فلا يكاد يحصل الجزم به بعد دخوله في الصلاة خصوصا مع تذكرة لنية السابقة المقتضية لجريها على لسانه بحسب العادة من غير التفات تفصيلي وفي قوله عليه السلام في بعض الأخبار المتقدمة ولكن كيف يستيقن إشارة إلى ذلك والحاصل انه لا يبعد حمل الرواية على الشاك دون من حصل له العلم بالترك كما أنه لا يبعد ارتكاب هذا التوجيه أيضا في بعض الأخبار الآتية فقوله عليه السلام أليس كان من نيته الخ للتنبيه على بعض الامارات المورثة لإزالة الوسوسة التي يجدها الشاك والله العالم وصحيحة أحمد بن محمد بن أبي نصر عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال قلت له رجل نسي ان يكبر تكبيرة الافتتاح حكى كبر للركوع فقال اجزئه وخبر أبي بصير قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل قام في الصلاة ونسي ان يكبر فبدء بالقراءة قال إن ذكرها وهو قائم قبل ان يركع فليكبر وان ركع فليمض في صلاته وصحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال قلت له الرجل ينسى أول تكبيرة من الافتتاح فقال إن ذكرها قبل الركوع كبر ثم قرء ثم ركع وان ذكرها في الصلاة كبرها في قيامه في موضع التكبيرة قبل القراءة أو بعد القراءة قلت فان ذكرها
(٢٤١)