الرياء انها عمل ادخل فيه رضاء أحد من الناس وانه اشرك مع الله تعالى غيره فيه توضيح الضعف ان المراد بادخال رضاء الغير في عمله جعله كرضاء الله غاية له لا ادخاله فيه حقيقة ضرورة ان المرائي لا يجعل رضاء الغير داخلا في عمله بل يجعله دخيلا في السبب الباعث عليه فكما يصح ان يقال في الفرض انه اشرك مع الله تعالى غيره في صلاته كذلك يصح ان يقال إنه اشرك في قنوته وادخل فيه رضاء أحد لأن الاجزاء العمل أيضا عمل عند العرف والعقل ومن المعلوم ان الصلاة والقنوت ليسا مصداقين للعام على سبيل التواطؤ لاستحالة كون رياء واحد فردان من العام فصدقه عليهما على سبيل التشكيك بمعنى ان صدقه على القنوت لذاته وعلى الصلاة بواسطته اللازمة كون كل واحد من الاجزاء بحياله موضوعا مستقلا للرواية وان لا يكون مطلوبيته لذاته أو للغير ملحوظة في صدها وحينئذ نقول كما يصدق على القنوت انه وقع لغير الله وأشرك فيه رضاء أحد كذلك يصدق على ما عدى القنوت من التكبيرة والفاتحة والركوع والسجود وغيرها من الاجزاء انها وقعت خالصة لله فيترتب عليها امرها وهو سقوط الامر الغيري المتعلق بكل منها بايجاده والتيام الكل بانضمامها وسقوط الامر المتعلق بمهية الكل من حيث هي نعم اثر وقوع القنوت رياء عدم انضمامه إلى سائر الأجزاء وعدم سقوط الامر المتعلق به بفعله وعدم حصول الامتثال للامر الاستحبابي المتعلق بالفرد المشتمل عليه الذي هو من أفضل الافراد الا ان امتثال هذا الامر كامتثال امره الغيري غير لازم والا لما جاز تركه اختيارا وهو خلاف الفرض ودعوى ان المراد من العمل في الروايات الاعمال المستقلة التي تعلق بها امر نفسي من أنها بلا بينة يكذبها شهادة العرف بصدقها على اجزاء العمل خصوصا لو كان للاجزاء عناوين مستقلة ملحوظة بنظر العرف ولذا لا يتوهم أحد بطلان الحج بوقوع شئ منه رياء مع امكان تداركه وعدم فوات وقته بل ولا بطلان مثل الوضوء والغسل بالرياء في جزء منه كمسح الرأس أو الرجلين عند تداركه قبل فوات محله والى ما ذكرنا يرجع ما افاده شيخنا المرتضى رحمه الله في كتاب الطهارة في رد تخيل البطلان بالتقرب المتقدم بقوله ويدعه انه يصدق أيضا انه اتى بأقل الواجب تقربا إلى الله تعالى ومقتضى القاعدة اعطاء كل مصداق حكمه فالمركب من حيث إن الجزء المستحب داخل في حقيقته متروك فاسد ليس له ثواب ويستحق عليه العقاب باعتبار جزئه وما عدى ذلك الجزء من حيث إنه مصدق للكلي اتى به تقربا صحيح على أحسن الأحوال انتهى وفي كتاب الصلاة بانا لا نمنع بطلان هذه العبادة بمعنى مخالفته للامر الخاص المستحبي المتعلق بهذا الفرد الخاص ولا يلزم منه عدم مطابقته للامر بمطلق المهية الموجودة فيه الذي هو مناط التقرب بالعمل من حيث كونه واجبا انتهى كلامه رفع مقامه سلمنا ان المراد بالعمل هو العلم المستقل وان اجزاء العمل ليست ملحوظة في هذه الرواية وانها بمنزلة التصريح بان من عمل عملا وادخل في شئ من اجزائه ولو كان مستحبا رضاء أحد من الناس كان مشركا ولكن نمنع دلالتها على أن الاشراك من حيث هو كالحدث والتكلم مبطل للصلاة فان غاية ما يمكن ادعائه انما هو اشعار الرواية أو ظهورها في أن العمل الذي خالطه الرياء يمقته الله تعالى ولا يقبله فيفسد لو كان مثل الصلاة ونحوها من العبادات المشروطة بوقوعها لله تعالى لا من حيث كون الرياء من حيث هو مبطلا لها بل من حيث منافاته للقربة المعتبرة في صحتها أو من حيث حرمته المانعة عن وقوع متعلقها عبادة وشئ من الحيثيتين لا يقتضيه فيما لو كان الجزء الماتى به رياء من الأجزاء المستحبة أو الواجبة ولكن لم يكتف به بل رفع اليد عنه وتداركه قبل وفوات محله اما من حيث الحرمة فواضح حيث إن حرمة الشئ انما تمنع عن وقوع عبادة فيما لو اتحد مع المأمور به في الوجود فالقنوت المأتى به رياء يمتنع ان يقع عبادة أو جزء عبادة دون سائر الأجزاء التي وجدت قربة إلى الله واما من حيث شرطية الاخلاق فهي أيضا كذلك حيث إن مقتضاها ليس الا اعتبار صدور مجموع الاجزاء المعتبرة في قوام المركب خالصا لله تعالى وهذا مما لا كلام فيه ولكنه لا يقتضى بطلان العبادة من أصلها فيما هو محل الكلام كما هو واضح ومما ذكرنا يظهر حكم ما لو نوى الرياء بالزائد على الواجب من الافعال كطول الركوع والسجود وربما استثنى من ذلك ما إذا كثر بحيث الحق بالفعل الكثير ونوقش فيه بان هذا في الحقيقة ليس استثناء عما نحن بصدده من في بطال الرياء من حيث هو إذا تعلق بجزء من العمل مع أن مناط ابطال الفعل الكثير هو محو صورة الصلاة وهو لا يتحقق عرفا فيما إذا كان الزائد من افعال الصلاة كيف ولو تحقق المحو بطول مثل الركوع والسجود لم يجز مطلقا وان قصد به التقرب كما لا يخفى وان كان المنوي به الرياء أو غير الصلاة قولا مستحبا قد حكى عن ظاهر جماعة القول فيه بالبطلان بناء على أنه يصير كلاما خارجا عن الصلاة فيكون مبطلا ونوقش في مقدميته بامكان منع صيرورته بإحدى النيتين كلاما خارجا بعد كونه في حد ذاته دعاء أو قرانا وامكان دعوى حصر الكلام المبطل بما يعد من كلام الآدميين واحتمال البطلان مع الكثرة من جهتها مضعف بما ذكر انفا فالأقوى في لفرق بينه وبين الفعل المستحب الذي قصد به الرياء (غير الصلاة) ولكن شيخنا المرتضى رحمه الله بعد ان نفي البعد عن القول بعدم البطلان بالقرب؟
المزبور قال ومع ذلك فالبطلان لا يخلو عن قوة فيما إذ نوى الرياء لأن الظاهر من كلماتهم في لخلاف في كون الكلام المحرم مبطلا بل حكى عن نهاية المصنف في مسألة قول امين في الصلاة الاجماع على أن الكلام الغير السائغ مبطل وحكى شارح الروضة الاجماع على بطلان الصلاة بالدعاء المحرم مضافا إلى عمومات ابطال الكلام وخروج الدعاء والقرآن اما بأوامرهما واما بالاجماع وكلاهما مفقودا وفي مرسلة الصدوق كلما ناجيت به ربك في الصلاة فليس بكلام إشارة لطيفة إلى أن حكم الكلام مطلقا الابطال والتحريم لكن المناجاة نزلت منزلة غير الكلام واظهر منه قوله عليه السلام في صحيحة الحلبي كلما ذكرت الله عز وجل والنبي صلى الله عليه وآله فهو من الصلاة دل على أن ذكر الله والنبي صلى الله عليه وآله انما لا يفسد لكونه من الصلاة وغير خارج عنها في نظر الشارع والا فعموم المنع عن الكلام الخارج بحاله فافهم انتهى أقول وفي ما قواه نظر فان شمول معاقد الاجماعات المحكية على تقدير حجيتها للأقوال التي اعتبرها الشارع جزء وجوبيا أو استحبابيا من الصلاة عند عروض وصف الحرمة لها غير معلوم بل المتبادر منها إرادة سائر الأقوال المحرمة واما عمومات ابطال الكلام لو سلمنا شمولها للقرائة والذكر والدعاء وعدم انصرافها إلى كلام الآدميين فهي غير شاملة للأقوال المعتبرة في الصلاة بلا شبهة ضرورة ان قراءة الفاتحة والسورة وسائر الأذكار والأدعية الواجبة أو المسنونة