مستحبا موقوف على امكان ان يتعلق به امر استحبابي من حيث كونه مصداقا لطبيعة التكبير وهو من هذه الحيثية معروض للوجوب والا لامتنع وقوعه امتثالا للتكبير الواجب فيمتنع ان يعرضه صفة الاستحباب من هذه الحيثية وكيف كان فالحمل المزبور بمجرده لا يجدي في تطبيق الاخبار على مذهب المشهور الا ان يقال إن قضية تسالمهم على لزوم تميز تكبيرة الاحرام بالقصد حتى من القائلين تعين الأولى مغائرتها بالنوع لغيرها من التكبيرات الافتتاحية بان كانت لها خصوصية زائدة على ما عداها كعنوان الاحرامية ونحوها مما يجعلها أخص مطلق التكبير والا لم يجب تمييزه بالقصد بل كان الاتيان بجنس التكبير بداعي امره المنجز عليه كافيا في اطاعته وكان الامر المنجز عليه قبل ايجاد مسما وجوبيا وبعده ندبيا كما تقدمت الإشارة إليه وحيث يجب تعيينه بالقصد اجماعا كما يظهر من كلماتهم كشف ذلك عن أن لها خصوصية زائدة كما يؤيد ذلك اختلاف اثرها فيجب تقييد اطلاق الامر بالثلث أو الخمس أو السبع الوارد في الأخبار المتقدمة بوقوع واحدة منها بقصد تكبيرة الاحرام أو ما هو ملزوم له كالتكبيرة الواجبة ونحوه وحيث إن متعلق الأمر الالزامي على هذا التقدير هو الفرد المشتمل على الخصوصية الزائدة المؤثرة في المنع عن المنافيات لا مانع من اجتماع طلبه مع الطلب الندبي المتعلق بما عداه فله حينئذ ان يختار امتثال الامر الندبي قبل الالزامي وقضية الأصل بل اطلاق الامر بالتكبيرات المقتصر في تقييده على القدر المتيقن الثابت بالاجماع وغيره كونه مخيرا في أن يجعل أيها شاء تكبيرة الافتتاح كما هو المشهور ان لم يكن مجمعا عليه ويؤيده أيضا بل يدل عليه اطلاق المستفيضة المتقدمة التي ورد فيها الامر باجهار الإمام بواحدة إذا الظاهر أن المراد بالواحدة هي تكبيرة الاحرام ولا ينافي ذلك ما أنكرناه فيما سبق من عدم صلاحية هذه الأخبار ومعارضة الأخبار المتقدمة الظاهرة في حصول الافتتاح والاحرام بالمجموع إذ فرق بين دلالتها على اشتراط الوحدة في تكبير الافتتاح كي يعارض تلك الأخبار وبين دلالتها بواسطة المناسبات المغروسة في الأذهان على أن ما يجهر بها هي تلك التكبيرة المعتبرة في قوام مهية الصلاة التي علم من الخارج اشتراطها بكونها واحدة كما لا يخفى واستدل في الحدائق للقول بتعين الأولى بصحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام إذا افتتحت الصلاة فارفع كفيك ثم ابسطهما بسطا ثم كبر ثلاث تكبيرات ثم قل إلى أن قال ثم تكبير تكبيرتين ثم قل لبيك وسعديك إلى أن قال ثم تكبر تكبيرتين ثم تقول وجهت وجهي الحديث وتقريب الاستدلال انه بناء على ما زعموه من التخيير أو تعيين الأخيرة ليس هذا من الافتتاح في شئ فان تسمية ما عدى تكبيرة الاحرام بتكبيرات الافتتاح انما يصدق بتأخيرها عن تكبيرة الاحرام التي يقع بها الافتتاح حقيقته والدخول في الصلاة والا كان من قبيل الإقامة ونحوها مما تقدم على الصلاة أقول إن كان محط النظر في هذا الاستدلال ورود الامر بالتكبيرات عقيب لفظة ثم بعد قوله إذا افتتحت حيث إن ظاهره كون (التكبيرات واقعة بعد تحقق الافتتاح ففيه ان الافتتاح لا يتحقق الا بالتكبير فوجب أن تكون) التكبيرات السبع المأمور بها في هذه الرواية جميعها بعد تكبيرة الافتتاح وهو خلاف النص والاجماع فالمراد بقوله عليه السلام إذا افتتحت اما إذا أردت الافتتاح نظير قوله تعالى إذا قمتم إلى الصلاة فلا اشعار حينئذ بمراده فضلا عن الدلالة أو ان المراد به حقيقته ولكن ما ذكره بعده بيان له فظاهره حينئذ حصول الافتتاح بجميع التكبيرات بل مع غيرها مما ذكر في الرواية من الآداب وكون الجميع أفضل افراد الواجب فحالها حينئذ حال سائر الروايات المنطبقة بظاهرها على القول المحكى عن والد المجلسي رحمه الله الذي زعم صاحب الحدائق بداهة بطلانه ومخالفته لظاهر الاخبار وان كان استدلاله بملاحظة اطلاق الافتتاح على الجميع كما يلوح ذلك مما ذكر في تقريبه ففيه انه بعد الالتزام بان الافتتاح لا يكون الا بواحدة فكما ان ما قبلها من قبيل الإقامة فكذلك ما بعدها من قبيل الفاتحة لا يطلق على شئ منهما الافتتاح حقيقة وعلاقة المجاز في كليهما موجودة مع انا سنشير إلى أن جعل التكبيرات الافتتاحية الواقعة قبل تكبيرة الاحرام كالإقامة خارجة من الصلاة لا يخلو عن نظر بل منع واستدل أيضا بقول أبي جعفر عليه السلام في صحيحة زرارة الواردة فيمن يخاف اللصوص ولكن يستقبل القبلة بأول تكبيرة حين يتوجه وفيه ان ظاهره أول تكبيرة من تكبيرات الصلاة التي يأتي بها حين يتوجه لا أول تكبيرة من التكبيرات الافتتاحية واستدل أيضا بصحيحة الأخرى عنه أيضا قال قلت له الرجل ينسى أول تكبيرة من الافتتاح فقال إن ذكرها قبل الركوع كبر ثم قرء ثم ركع وان ذكرها في الصلاة كبرها في قيامه في موضع التكبير قبل القراءة وبعد القراءة قلت فان ذكرها بعد الصلاة قال فليقضها ولا شئ عليه وفيه ان الظاهر كون من الافتتاح بيانا لما أريد من أول تكبيرة ولذا أشكل توجيه هذه الرواية حيث يظهر منها عدم بطلان الصلاة بنسيان تكبيرة الافتتاح ان ذكرها بعد الركوع فلو أريد بها التكبيرة الأولى من التكبيرات الافتتاحية كما هو مبنى الاستدلال لكانت الرواية على خلاف مطلوبه أدل حيث إن مقتضاها حصول الافتتاح بالمجموع وعدم كون خصوص الأولى من مقومات مهية الافتتاح الذي لا صلاة الا به ودعوى ان توصيف التكبيرة المنسية بالأولى قرينة على إرادة تكبيرة الاحرام لأن اتصافه بهذه الصفة موقوف على أن يكون لها خصوصية تميزها عما عداها ولا خصوصية اجماعا لما عدى تكبيرة الاحرام فتسميته بعضها من الافتتاح مبنية على ضرب من التوسع ليست بأولى من حمل الافتتاح على حقيقته وجعله بيانا لأول تكبيرة كما لا يخفى واستدل أيضا بصحيح زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال خرج رسول الله صلى الله عليه وآله إلى الصلاة وقد كان الحسين عليه السلام أبطأ عن الكلام حتى تخوفوا انه لا يتكلم وانه به خرس فخرج به عليه السلام حامله على عاتقه وصف الناس خلفه فأقامه على يمينه فافتتح رسول الله صلى الله عليه وآله الصلاة فكبر الحسين عليه السلام فلما سمع رسول الله صلى الله عليه وآله تكبيرة عاد فكبر الحسين عليه السلام حتى كبر رسول الله صلى الله عليه وآله سبع تكبيرات وكبر الحسين فجرت بذلك السنة ورواها الشيخ في التهذيب عن حفص عن أبي عبد الله عليه السلام قال إن رسول الله صلى الله عليه وآله كان في الصلاة والى جانبه الحسين بن علي فكبر رسول الله صلى الله عليه وآله فلم يحر الحسين عليه السلام بالتكبير ثم كبر رسول الله صلى الله عليه وآله فلم يحر الحسين التكبير فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وآله يكبر ويعالج الحسين فلم يحر حتى أكمل سبع تكبيرات فاحار الحسين عليه السلام التكبير في السابعة فقال أبو عبد الله عليه السلام فصارت سنة وتقريب الاستدلال ان التكبير الذي كبره صلى الله عليه وآله أولا هو تكبيرة الاحرام التي وقع الدخول بها
(٢٤٧)