لما توفى السلطان محمود وولى ابنه داود مكانه نكر ذلك عمه السلطان سنجر عليهم وسار إلى بلاد الجبل ومعه طغرل ابن أخيه السلطان محمد كان عنده منذ وصوله مع دبيس فوصل إلى الري ثم إلى همذان وسار السلطان مسعود وأخوه سلجوق وقراجا الساقي أتابك سلجوق للقائه وكان المسترشد قد عاهدهم على الخروج وألزموه ذلك ثم إن السلطان سنجر بعث إلى دبيس وأقطعه الحلة وأمره بالمسير إلى بغداد وبعث إلى عماد الدين زنكى بولاية شحنكية بغداد والسير إليها فبلغ المسترشد خبر مسيرهما فرجع لمدافعتهما وسار السلطان مسعود وأصحابه للقاء السلطان سنجر ونزل استراباذ في مائة ألف من العسكر فخاموا عن لقائه ورجعوا أربع مراحل فاتبعهم سنجر وتراءى الجمعان عند الدينور ثامن رجب فاقتتلوا وعلى ميمنة مسعود قراجا الساقي وكزل وعلى ميسرته برتقش باردار ويوسف حاروس فحمل قراجا الساقي في عشرة آلاف على السلطان سنجر حتى تورط في مصافه فانعطفوا عليه من الجانبين وأخذ أسيرا بعد جراحات وانهزم مسعود وأصحابه وقتل بعضهم وفيهم يومئذ يوسف حاروس وأسر آخرون فيهم قراجا فأحضر عند السلطان سنجر فوبخه ثم أمر بقتله وجاء السلطان مسعود إليه فأكرمه وعاتبه على مخالفته وأعاده أميرا إلى كنجة وولى الملك طغرل ابن أخيه محمدا في السلطنة وجعل وزيره أبا القاسم النشاباذي وزير السلطان محمود وعاد إلى خراسان ووصل نيسابور في عشري رمضان من سنته وأما الخليفة فرجع إلى بغداد كما قلناه لمدافعة دبيس وزنكى وبلغه الخبر بهزيمة السلطان مسعود فعبر إلى الجانب الغربي وسار إلى العباسة ولقيهما بحصن البرامكة آخر رجب وكان في ميمنته جمال الدولة اقبال وفى ميسرته مطر الخادم فانهزم اقبال لحملة زنكى وحمل الخليفة ومطر على دبيس فانهزم وتبعه زنكى فاستمرت الهزيمة عليهم وافترقوا ومضى دبيس إلى الحلة وكانت بيد اقبال وجاءه المدد من بغداد فلقى دبيس وهزمه ثم تخلص بعد الجهد وقصد واسط وأطاعه عسكرها إلى أن خلت سنة سبع وعشرين فجاءهم اقبال وبرتقش باردار وزحفوا في العساكر برا وبحرا فانهزمت أهل واسط ولما استقر طغرل بالسلطنة وعاد عمه سنجر إلى خراسان لخلاف أحمد خان صاحب ما وراء النهر عليه وكان داود ببلاد آذربيجان وكنجة فانتقض وجمع العساكر وسار إلى همذان وبرز إليه طغرل وفى ميمنته ابن برسق وفى ميسرته كزل وفى مقدمته اقسنقر وسار إليه داود وفى ميمنته برتقش الزكوي والتقيا في رمضان سنة ست وعشرين فأمسك برتقش عن القتال واستراب التركمان منه فنهبوا خيمته واضطرب عسكر داود لذلك فهرب أتابكه اقسنقر الأحمد يلي واستمرت الهزيمة عليهم وأسر برتقش الزكوي ومضى داود
(٥٠٧)