يريد المغرب وانتهى إلى مصر وعليها يومئذ عيسى النوشري فلبس عبيد الله زي التجار يتستر به وجاء كتاب المكتفى للنوشري بالقبض عليه وفيه صفته وحليته فبعث العيون في طلبه ونمى الخبر بذلك إلى عبيد الله من بعض خواص النوشري فخرج في رفقة ورآه النوشري وأحضره ودعاه للمؤاكلة فاعتذر بالصوم ثم امتحنه فلم تشهد له أحواله بشئ مما ذكر له عنه وقارن ذلك رجوع ابنه أبى القاسم يسأل عن كلب للصيد ضاع له فلما رآه النوشري وأخبر أنه ولد عبد الله علم أن هذه الدالة في طلب الضائع منافية للرقبة والخوف فخلى سبيله وجد المهدى في السير وكان له كتب من الملاحم ورثها منقولة عن أبيه سرقت من رحله في تلك الطريق ويقال ان ابنه أبا القاسم لما زحف إلى مصر أخذها من بلاد برقة ولما انتهى المهدى وابنه إلى طرابلس وفارقه التجار أهل الرفقة قدم أبا العباس أخا أبى عبيد الله الشيعي إلى أخيه بكتامة ومر بالقيروان وقد سبق خبرهم إلى زيادة الله وهو يسأل عنهم فقبض على أبي العباس وسأله فأنكر فحبسه وكتب إلى عامل طرابلس بالقبض على المهدى ففاته وسار إلى قسطنطينية فعدل عنها خشية على أبي العباس أخي الشيعي المعتقل بالقيروان وذهب إلى سجلماسة وبها الشيع ابن مدرار فأكرمه ثم جاءه كتاب زيادة الله ويقال كتاب المكتفى بأنه المهدى الذي داعيه في كتامة فحبسه وبعث زيادة الله العساكر إلى كتامة مع قريبه إبراهيم بن حيش وكانوا أربعين ألفا فانتهى إلى قسطنطينية فأقام بها وهم متحصنون بخيلهم ستة أشهر ثم زحف إليهم ودافعهم عند مدينة بلزمة فانهزم إلى القيروان وكتب أبو عبد الله بالفتح إلى المهدى وهو في محبسه ثم زحف إلى مدينة طبنة فحاصرها وملكها بالأمان ثم إلى مدينة بلزمة فملكها عنوة فبعث زيادة الله العساكر مع هارون الطبني فانتهوا إلى مدينة دار ملوك وكانوا قد أطاعوا الشيعي فهدمها هارون وقتل أهلها وسار إلى الشيعي فانهزم من غير قتال وقتل وفتح الشيعي مدينة عيسى فزحف زيادة الله في العساكر سنة خمس وتسعين ونزل الاربس ثم أشار عليه أصحابه بالرجوع إلى القيروان ليكون ردأ للعساكر فبعث الجيوش مع إبراهيم بن أبي الأغلب من قرابته ورجع وزحف أبو عبد الله إلى باغاية فهرب عاملها وملكها ثم إلى مدينة مرماجنة فافتتحها عنوة وقتل عاملها ثم إلى مدينة تيفاش فملكها على الأمان واستأمن إليه القبائل من كل جهة فأمنهم وسار بنفسه إلى مسلبابة ثم إلى تبسة ثم إلى مجانة ففتحها على الأمان ثم سار إلى القصرين من قمودة وأمن أهلها وسار يريد رقادة وبلغ الخبر إلى إبراهيم بن أبي الأغلب وهو بالاربس أميرا على الجيش فخشى على زيادة الله برقادة لقلة عسكره وارتحل ذاهبا إليه وسار أبو عبد الله إلى قسطنطينية فحاصرها وافتتحها
(٣٦٣)