مسألة 28: إذا كان لرجل على رجل حق، فوجد من له الحق مالا لمن عليه الحق، فإن كان من عليه الحق باذلا، فليس له أخذه منه بلا خلاف، وإن كان مانعا إما بأن يجحد ظاهرا وباطنا، أو يعترف باطنا ويجحده ظاهرا، أو يعترف به ظاهرا وباطنا ويمنعه لقوته، فإنه لا يمكن استيفاء الحق منه. فإذا كان بهذه الصفة كان له أن يأخذ من ماله بقدر حقه من غير زيادة، سواء كان من جنس ماله أو من غير جنسه، إلا إذا كان وديعة عنده، فإنه لا يجوز له أخذه منها، وسواء كان له بحقه بينة يقدر على إثباتها عند الحاكم أو لم يكن.
وبه قال الشافعي، ولم يستثن الوديعة إذا لم يكن له حجة، فإن كان له حجة يثبت عند الحاكم فعلى قولين (1).
وقال أبو حنيفة: ليس له ذلك إلا في الدراهم والدنانير التي هي الأثمان، فأما غيرهما فلا يجوز (2).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (3).
وأيضا روي: أن هند امرأة أبي سفيان جاءت إلى النبي عليه السلام فقالت يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح، وإنه لا يعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما آخذه منه سرا، فقال: خذي ما يكفيك وولدك