بقي الكلام في الأخبار والجمع بينها وهو ممكن بأحد وجهين: (الأول) حمل الأخبار الدالة على التكرار على أن الصلاة فيها بمعنى الدعاء لا الصلاة المعهودة، ويؤيده ما يأتي إن شاء الله تعالى في مسألة الصلاة على القبر. و (الثاني) حمل الأخبار الدالة على النهي عن التكرار على التقية فإن العلامة في المنتهى نقل القول بالكراهة عن ابن عمر وعائشة وأبي موسى والأوزاعي وأحمد والشافعي ومالك وأبي حنيفة وأسنده أيضا إلى علي (ع) (١) ولعله الأقرب ويعضده أن أكثر روايات النهي من العامة.
ومما ذكرنا يظهر ضعف الأقوال المتقدمة، أما القول بالكراهة مطلقا كما هو المشهور عملا بالأخبار الدالة على النهي فينا فيه ظاهر أمر النبي صلى الله عليه وآله بالصلاة لمن أتى في رواية جابر (٢) وكذلك التزام أمير المؤمنين (ع) في الصلاة على سهل بن حنيف بالأمر المكروه خمس مرات، وأظهر منه صلاة النبي صلى الله عليه وآله على عمه (رضي الله عنه) ومثله صلاة الناس على النبي صلى الله عليه وآله. وأما ما ذكره ابن إدريس من كراهة الصلاة جماعة فترده أخبار سهل بن حنيف وتكرار أمير المؤمنين (ع) الصلاة عليه جماعة خمس مرات وكذا أخبار حمزة ﴿سلام الله عليه﴾ (3) وأما تخصيص الكراهة بالمصلى نفسه كما نقل عن الشيخ في الخلاف فينافيه مورد الأخبار الثلاثة الدالة على النهي، فإن موردها من لم يصل. وأما تخصيص الكراهة بما خيف على الميت أو بضم منافاة التعجيل فلم نقف له على مستند، وربما كان المستند حمل أخبار النهي على ذلك، وأنت خبير بأنه لا اشعار في شئ منها بذلك فضلا عن التصريح