من فعل ذلك عثمان وقال عطاه أول من فعله معاوية (1) قال الشافعي: ما فعله النبي (صلى الله عليه وآله) وأبو بكر وعمر أحب إلى (2) انتهى كلامه زيد مقامه.
وأنت خبير بما فيه من الوهن الذي لا يخفى على الفطن النبيه فإن مجرد كون الأذان ذكر يتضمن التعظيم لا يوجب المشروعية فإن الصلاة أيضا كذلك مع أنه لو صلى انسان فريضة أو نافلة زائدة على الموظف شرعا بقصر أنها مستحبة أو واجبة في هذا الزمان أو المكان أو على كيفية مخصوصة لم يرد بها الشرع فإنه لا خلاف في البدعية والتشريع وأنه فعل محرما، ولهذا خرجت الروايات بتحريم صلاة الضحى (3) مع أنها عبادة تتضمن التعظيم لكن لما اقترنت بقصر التوظيف في هذا الوقت مع عدم ثبوته شرعا حصلت البدعية والتحريم فيها، وحينئذ فهذا الأذان الثاني كذلك، وعدم فعل النبي صلى الله عليه وآله ولا أمره به مما يوجب التحريم كما قدمنا ذكره لا الكراهة، وبالجملة فإن كلامه (قدس سره) هنا غير موجه كما عرفت.
وأما رده رواية حفص بضعف الراوي فقال في الذكرى بأنه لا حاجة إلى الطعن في السند مع قبول الرواية للتأويل وتلقى الأصحاب لها بالقبول، بل الحق أن لفظ البدعة غير صريح في التحريم فإن المراد بالبدعة ما لم يكن في عهد النبي صلى الله عليه وآله ثم تجدد بعده وهو ينقسم إلى محرم ومكروه. انتهى.
وفيه أن الظاهر المتبادر من لفظ البدعة سيما بالنسبة إلى العبادات إنما هو المحرم، ولما رواه الشيخ عن زرارة ومحمد بن مسلم والفضيل عن الصادقين (عليهما السلام) (4) (أن كل بدعة ضلالة وكل ضلالة سبيلها إلى النار).
وبالجملة فالأظهر كما عرفت هو التحريم، وأما رواية حفص فإنه يحتمل حمل الثالث فيها على الأذان الواقع للعصر كما ذكره بعض أفاضل متأخري المتأخرين.