قصده، فالجماعة سميت أمة لاجتماعها على مقصد واحد. والأمة: القدوة، لأنه تأتم به الجماعة. والأمة النعمة، لأنها المقصد الذي هو البغية. والأمة القامة، لاستمرارها في العلو على مقصد واحد. والمعروف هو الفعل الحسن الذي له صفة زائدة على حسنه. وربما كان واجبا أو ندبا، فإن كان واجبا فالامر به واجب.
وإن كان ندبا فالامر به ندب. والمنكر هو القبيح فالنهي عنه كله واجب.
والانكار هو إظهار كراهة الشئ لما فيه من وجه القبح، ونقيضه الاقرار وهو إظهار تقبل الشئ من حيث هو صواب حسن.
المعنى:
والامر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبان بلا خلاف وأكثر المتكلمين يذهبون إلى أنه من فروض الكفايات. ومنهم من قال من فروض الأعيان، وهو الصحيح على ما بيناه. واختلفوا، فقال جماعة ان طريق وجوب انكار المنكر العقل، لأنه كما تجب كراهته وجب المنع منه إذا لم يمكن قيام الدلالة على الكراهة.
وإلا كان تاركه بمنزلة الراضي به. وقال آخرون وهو الصحيح عندنا: إن طريق وجوبه السمع وأجمعت الأمة على ذلك، ويكفي المكلف الدلالة على كراهته من جهة الخير وما جرى مجراه وقد استوفينا ما يتعلق بذلك في شرح جمل العلم.
فان قيل هل يجب في إنكار المنكر حمل السلاح؟ قلنا: نعم إذا احتيج إليه بحسب الامكان، لان الله تعالى قد أمر به، فإذا لم ينجح فيه الوعظ والتخويف، ولا التناول باليد وجب حمل السلاح، لان الفريضة لا تسقط مع الامكان إلا بزوال المنكر الذي لزم به الجهاد إلا أنه لا يجوز أن يقصد القتال إلا وغرضه إنكار المنكر.
وأكثر أصحابنا على أن هذا النوع من انكار المنكر لا يجوز الاقدام عليه إلا باذن سلطان الوقت. ومن خالفنا جوز ذلك من غير الاذن مثل الدفاع عن النفس سواء. وقال البلخي: إنما يجوز لسائر الناس ذلك إذا لم يكن إمام، ولا من نصبه، فأما مع وجوده، فلا ينبغي، لاحد أن يفعل ذلك إلا عند الضرورة. وقوله: