على القول بالمضايقة في القضاء لما ستعرف إن شاء الله في محله من أن المتجه على هذا القول أيضا أوسعية الامر من ذلك وعدم كون التضييق بمرتبة ينافيها الاتيان بنافلة أو ما جرى مجربها؟ من الافعال المستحبة أو المباحة في خلال التشاغل بالقضاء فالاستدلال للمنع بأدلة القول بالمضايقة غير وجيه مضافا إلى ما ستعرف إن شاء الله من ضعف هذا القول واضعف من ذلك ما في الحدائق من الاستدلال عليه أيضا بالروايات الدالة على وجوب ترتيب الحاضرة على الفائتة وانه يجب تأخير الحاضرة إلى أن يتضيق وقتها قائلا في تقريبه انه إذا وجب ذلك في الفريضة التي هي صاحبة الوقت ففي نافلتها بطريق أولى وأولى منه في غير نافلتها وفيه ما لا يخفى فان المانع عن فعل الحاضرة قبل الفائتة بناء على العمل بظاهر هذه الروايات انما هو وجوب الترتيب بين الفرائض ولذا ربما يقول به من لا يلتزم بالمضايقة في القضاء فحال الحاضرة بالنسبة إلى الفائتة حال العصر بالنسبة إلى الظاهر فتنظير النافلة عليها خصوصا النوافل المبتداة أو قضاء الفوائت منها قبل الفريضة الفائتة قياس مع الفارق نعم لو كان مناط ايجاب تأخير الفريضة الفائتة قياس مع الفارق نعم لو كان مناط ايجاب تأخير الفريضة إلى اخر وقتها المضايقة في امر القضاء لا غير لكان للأولوية التي ادعاها وجه لكن من أين علم ذلك مع مخالفته لظواهر غير واحد من تلك الروايات كما ستسمعها في محلها إن شاء الله واستدل عليه أيضا بجملة من الاخبار منها صحيحة زرارة الثانية المتقدمة في صدر المبحث وهي ما رواه عن أبي جعفر عليه السلام انه سئل عن رجل صلى بغير طهور أو نسي صلاة لم يصلها أو نام عنها فقال يقضيها إذا ذكرها في اي ساعة ذكرها من ليل أو نهار فإذا دخل وقت الصلاة ولم يتم ما قد فاته فليقض ما لم يتخوف ان يذهب وقت هذه الصلاة التي قد حضرت وهذه أحق فليقضها فإذا قضاها فليصل ما فاته مما قد مضي ولا يتطوع بركعة حتى يقضي الفريضة كلها وصحيحة الرابعة المحكية عن الروض المشتملة على مقايسة الصلاة بالصوم قال قلت لأبي جعفر عليه السلام أصلي النافلة وعلى فريضة أو وقت فريضة قال لا انه لا يصلي نافلة في وقت فريضة أرأيت لو كان عليك من شهر رمضان أكان لك ان تتطوع حتى تقضيه قال قلت لا قال فكذلك الصلاة الحديث وما تكلفه بعض في الجواب عن هذه الصحيحة بالحمل على الأداء خاصة بقرينة قوله عليه السلام في وقت فريضة الظاهر في وقت الأداء وتنزيل الترديد الواقع في السؤال على كونه من الرواة لا من السائل وكون المراد بقوله لو كان عليك من شهر رمضان وجوب الصوم عند حلول الشهر فأريد بقضائه فعله في وقته لا القضاء المصطلح تصحيحا للقياس على التطوع في وقت الفريضة ففيه ما لا يخفى فان قوله عليه السلام في وقت فريضة لا يصلح قرينة لمثل هذه التكلفات بل الظاهر أن المراد بوقت الفريضة بقرينة السؤال والتنظير هو الوقت الذي تنجز في حقه التكليف بفريضة أداء كانت أم قضاء فأريد بالتشبيه بيان انه لا تطوع عند تنجز تكليف وجوبي بالصلاة كالصوم وحمله على إرادة الصوم في رمضان يبطل القياس حيث يتعين عليه الصوم الواجب حينئذ فلا يتمكن معه من التطوع فكيف يقاس عليه الصلاة في سعة الوقت ومنها صحيحة يعقوب بن شعيب عن أبي عبد الله عليه السلام قال سئلته عن الرجل ينام عن الغداة حتى تبزغ الشمس أيصلي حين يستيقظ أو ينتظر حتى تنبسط الشمس فقال يصلي حين يستيقظ قلت أيوتر أو يصلي ركعتين قال بل يبدء بالفريضة واستدل له أيضا بالنبوي المرسل لا صلاة لمن عليه صلاة احتج القائلون بالجواز بالعمومات الدالة على شرعية النوافل وانها بمنزلة الهدية متى اتى بها قبلت وباطلاقات الأوامر المتعلقة بالصلوات الخاصة التي لا تحصى من ذوات الأسباب وغيرها مع غلبة اشتغال ذمة المخاطبين بشئ من الفوائت بحسب العادة وبجملة من الأخبار الخاصة منها موثقة أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال سئلته عن رجل نام عن الغداة حتى طلعت الشمس قال يصلي ركعتين ثم يصلي الغداة ومنها ما روى بطريق عديدة منها الصحيح وغيره من نومه صلى الله عليه وآله عن صلاة الصبح حتى أذاه حر الشمس فاستيقظ وركع ركعتي الفجر ثم صلى الصبح بعدهما كصحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال سمعته يقول إن رسول الله صلى الله عليه وآله فغلبته عيناه فلم يستيقظ حتى أذاه حر الشمس ثم استيقظ فعاد ناديه ساعته فركع ركعتين ثم صلى الصبح وقال يا بلال مالك فقال بلال أرقدني الذي أرقدك يا رسول الله صلى الله عليه وآله قال وكره المقام وقال نمتم بوادي الشيطان وأجاب الشيخ في محكى الاستبصار عن الخبرين بحملهما على من يريد ان يصلي بقوم وينتظر اجتماعهم فأجاز له ان يبدء بركعتي النافلة كما فعل النبي صلى الله عليه وآله دون ما إذا كان وحده فلا يجوز له ذلك وفيه ان تنزيل اطلاق الموثقة على إرادة ما إذا كان ذلك الرجل يريد ان يصلي بقوم جماعة مع ما فيها من اطلاق السؤال وكون المفروض من الفروض النادرة التحقيق كما ترى نعم ما ذكره من انتظار الجماعة يحتمل ان يكون وجها لصدور الركعتين من النبي صلى الله عليه وآله وحيث إن الفعل مجمل يشكل الاستدلال بالرواية الأخيرة وما جرى مجريها من الاخبار الحاكية له لاثبات جوازهما على الاطلاق وأجاب عنهما في الحدائق بان مدلول الخبرين ركعتا الفجر وصلاة الصبح والمدعى أعم من ذلك وما يقال في أمثال هذه المقامات من أن هذه الأخبار قد دلت على الجواز في هذا الموضع ويضم إليه انه لا قائل بالفرق فيتم في الجميع فكلام ظاهري لا يعول عليه وتخريج شعري لا يلتفت إليه انتهى أقول وكفى بدلالتها على الجواز شاهدة لصرف الامر بالبدئة بالفريضة في خبر يعقوب بن شعيب الوارد في خصوص هذا الموضع إلى الاستحباب وأفضلية المبادرة إلى تفريغ الذمة من الواجب من فعل النافلة التي هي في حد ذاتها أيضا من العبادات الراجحة المأمور بها فيكون إرادة الاستحباب من الامر في هذا الموضع من موهنات إرادة الالزام من النهي عن التطوع في ساير الاخبار بل ربما يشهد بعدمه ان قلنا بان حمل تلك الأخبار على الاستحباب أولى من ارتكاب التخصيص باخراج هذا الموضع من مثل هذه العمومات الابية عن التخصيص كما ليس بالبعيد ومنها ما عن الشهيد في الذكرى بسنده الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله إذا حضر وقت صلاة مكتوبة فلا صلاة نافلة حتى يبدء بالمكتوبة قال فقدمت الكوفة فأخبرت الحكم بن عتبة وأصحابه فقبلوا ذلك مني فلما كان في القابل لقيت أبا جعفر عليه السلام
(٦٢)