تلك الأخبار إذا دخل وقت الفريضة فابدء بها أو فلا تطوع أو نحو ذلك انما هو إرادة مطلق وقتها الذي يجوز ايقاعها فيه لا خصوص ما بعد الذراع والذراعين أو وقت الفضيلة وإرادة هذا المعنى من بعض الأخبار لا تصلح شاهدة لحمل ما عداها عليه وانما رفعنا اليد عن هذا الظاهر بالنسبة إلى النوافل المرتبة المأتى بها أداء بواسطة الأخبار الدالة عليه التي هي أخص مطلقا من هذه الروايات مدفوعة بان ارتكاب التخصيص في هذه الروايات باخراج النوافل المرتبة التي هي اظهر مصاديق النافلة ابعد من حمل الوقت فيها على ذلك المعنى الشايع ارادته من اطلاقه في كلمات الأئمة عليهم السلام بحيث فسر الوقت به في النصوص المستفيضة بل المتواترة الواردة في تحديد أوقات الفرائض المتقدمة في محلها مع ما في بعضها مما ورد في تحديد وقت الظهرين بما بعد الذراع والذراعين من التصريح بأنه انما جعل الذراع والذراعين لمكان النافلة وان للرجل ان يتنفل إلى أن يبلغ الفئ ذراعا فإذا بلغ الفئ ذراعا بدء بالفريضة وترك النافلة وفي بعضها التعليل لذلك بان لا يكون تطوع في وقت فريضة فيستفاد من هذه الروايات بمدلولها اللفظي ان التطوع قبل الذراع والذراعين خارج عن موضوع الأخبار الناهية عن التطوع في وقت الفريضة هذا مع أن وحدة السياق تشهد بإرادة معنى واحد من وقت الفريضة في هذه الأخبار وفي غيرها مما ورد فيه الامر بقضاء النافلة بعدها كما لا يخفى فظهر بما ذكرنا انه لا يتم الاستدلال بشئ من هذه الروايات للمشهور وانه على تقدير تسليم دلالتها على الحرمة والغض عن معارضتها بالأخبار الآتية الحاكمة عليها انما يتم الاستدلال بها للمنع عن التطوع بعد خروج وقت النوافل المرتبة لا مطلقا هذا مع قوة احتمال ان يكون المراد بحضور المكتوبة في خبر زياد وكذا المراد بادراك الصلاة في الرواية التي بعدها انعقادها جماعة كما يؤيد هذا الاحتمال الصحيحة الآتية التي وقع فيها تفسير وقت الفريضة الذي لا ينبغي التطوع فيه بما إذا قال المؤذن قد قامت الصلاة احتج المجوزون بجملة من الاخبار منها موثقة سماعة التي رواها المشايخ الثلاثة فعن الكافي باسناد عن سماعة قال سئلته عن الرجل يأتي المسجد وقد صلى أهله أيبتدء بالمكتوبة أو يتطوع فقال إن كان في وقت حسن فلا باس بالتطوع قبل الفريضة وان كان خاف الفوت من اجل ما مضى من الوقت فليبدء بالفريضة وهو حق الله ثم ليتطوع ما شاء الامر موسع ان يصلي الانسان في أول دخول وقت الفريضة النوافل الا ان يخاف فوت الفريضة والفضل إذا صلى الانسان وحده ان يبدء بالفريضة إذا دخل وقتها ليكون فضل أول الوقت للفريضة وليس بمحظور عليه ان يصلي النوافل من أول الوقت إلى قريب من اخر الوقت وعن التهذيب نحوه وعن الفقيه باسناده عن سماعة قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام الرجل يأتي المسجد وساق الحديث نحوه إلى قوله عليه السلام ثم ليتطوع ما شاء باسقاط قوله والفضل إلى اخره وهذه الرواية كما تريها صريحة في المدعى وما احتمله بعض من كون قوله والفضل إلى اخره من عبارة الكليني رحمه الله مع مخالفته للظاهر غير قادح في الاستدلال فان ما تقدمه كاف في اثبات المطلوب فإنه كالصريح في جواز التطوع في وقت الفريضة ما لم يخف فوتها نعم لو كانت هذه الفقرة من تتمة الحديث كما هو الظاهر لكان لها نحو حكومة على الاخبار التي ورد فيها الامر بالبدئة بالفريضة وترك النافلة عند حضور وقتها مع ما فيها من الإشارة إلى علية الحكم واختصاصه بما إذا لم يكن الراجح تأخيرها لانتظار الجماعة كما أن في قوله عليه السلام في الفقرة السابقة وهو حق الله إشارة إلى أن الامر بالبدئة بالفريضة عند خوف فواتها لأجل أهميتها من النافلة لا عدم صلاحية الوقت من حيث هو للنافلة أو كون تقديم الفريضة شرطا في صحتها كما هو من لوازم مذهب المانعين ومنها حسنة محمد بن مسلم قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام إذا دخل وقت الفريضة انتفل أو ابدء بالفريضة قال إن الفضل ان تبدء بالفريضة وانما أخرت الظهور ذراعا من اجل صلاة الأوابين فان ظاهرها جواز التنفل في وقت الفريضة وكون البدئة بها عند دخول وقتها من باب الاستحباب وقوله عليه السلام وانما أخرت الظهر الخ يحتمل ان يكون مسوقا لدفع التنافي بين استحباب البدئة بالفريضة عند حضور وقتها واستحباب التنفل قبلها في أول الوقت ببيان تأخر وقتها عن أول الوقت بمقدار الذراع لمكان النافلة ويحتمل أيضا ان يكون المقصود بيان ان الظهر متأخرة عن وقتها الأصلي بمقدار ذراع فلا ينبغي تأخيرها أزيد من ذلك ويحتمل أيضا ان يكون استدراكا عما تقدمه بان يكون المراد بالرواية بيان ان الفضل انما هو بالبدئة بالفريضة حين حضور وقتها اي المسارعة إلى فعلها في أول الوقت ولكن أخرت الظهر بمقدار ذراع عن أول وقتها لأجل صلاة الأوابين التي هي لدى الشارع كالفرائض من المهمات التي لا يجوز تركها ومنها صحيحة عمر بن يزيد انه سئل أبا عبد الله عن عن الرواية التي يروون انه لا ينبغي ان يتطوع في وقت فريضة ما حد هذا الوقت قال إذا اخذ المقيم في الإقامة فقال له ان الناس يختلفون في الإقامة قال عليه السلام المقيم الذي تصلي معه وهذه الصحيحة حاكمة على الأخبار الناهية عن التطوع في وقت الفريضة ومفسرة لها وظاهرها كون النهي المتعلق به بصيغة لا ينبغي الظاهرة في الكراهة ومقتضى تحديد ذلك الوقت بما إذا اخذ المقيم في الإقامة اختصاص المنع بهذه الصورة وهذا ربما ينافيه بعض تلك الأخبار مما هو نص في شمول المنع للمنفرد الذي لا يصلي جماعة فلا يبعد ان يكون المراد بهذه الصحيحة تحديد ذلك الوقت بالنظر إلى من ينتظر الجماعة لا مطلقا ويمكن ابقاء هذه الصحيحة على ظاهرها وتنزيل الأخبار الدالة على المنع في حق المنفرد على الارشاد إلى ما هو الأصلح كما ربما يستشعر ذلك من بعض عبائرها لا على الكراهة أو الحرمة فليتأمل وكيف كان فهي نص في جواز التطوع بعد دخول وقت الفريضة في الجملة ولو لخصوص من ينتظر الجماعة ونحوها رواية إسحاق بن عمار قال قلت أصلي في وقت فريضة نافلة قال نعم في أول الوقت إذا كنت مع امام تقتدي به فإذا كنت وحدك فابدء بالمكتوبة والمراد بأول وقت الفريضة في هذه الرواية وكذا في الروايات السابقة انما هو بعد الذراع والذراعين كما حدد أول وقتها بذلك في الأخبار الكثيرة المتقدمة في أول مبحث
(٦٠)