اقتصارا على مورد الروايتين أقول وهذا هو الظاهر من الصحيحة الأولى ان كانت الشرطية الواقعة فيها فان نمت بالنون بل ظاهرها على هذا التقدير اشتراط إحداهما نافلة الفجر بان لا يتخلل بينهما وبين الفجر الفصل بالنون وحيث تعذر حمله على شرط الصحة فليحمل على كونه شرطا للكمال وان كانت بالقاف فالمراد بها بحسب الظاهر هو القيام من النوم فحالها حينئذ حال الصحيحة الثانية والمنساق إلى الذهن من هذه الصحيحة انما هو إرادة الإعادة في وقت فضيلتهما لدى التمكن من ذلك بالانتباه من النوم والاستيقاظ بحسب الظاهر للجري مجرى العادة فالقول باستحباب اعادتهما مطلقا كما في المتن وغيره لا يخلو عن قوة ثم إن المتبادر من الفجر في الروايتين كغيرها من اخبار الباب انما هو الفجر الصادق فتخصيص الإعادة ؟ لو وقعت الركعتين قبل الفجر الأول مع عدم وقوع التصريح بذلك في شئ منهما انما هو لظهورهما في ارادتها على تقدير عدم وقوع الركعتين في أواخر الليل وحصول الفصل الطويل بينهما وبين الفجر الذي يضاف إليه الركعتين فلا يفهم منهما جواز الإعادة فيما إذا لم يتخلل بينهما الفصل المعتد به بان وقعتا بعد الفجر الأول نعم بناء على كون الشرطية في الصحيحة الأولى فان نمت فظاهرها سببية النوم قبل الفجر للإعادة مطلقا لكن لم يثبت كونها كذلك ويحتمل على تقدير كونها بالقاف ان يكون المراد بها القيام من الصلاة اي الفراغ منها فيكون المقصود بالرواية بيان انه عليه السلام ربما كان يصليهما قبل الفجر فان فرغ منهما وقد طلع الفجر فهو والا كان يعيدهما فيستفاد منها على هذا التقدير ان الفضل في ايقاعهما على وجه لم يحصل الفراغ منهما قبل طلوع الفجر وكيف كان فعمدة ما يصح الاستناد إليه للمدعى انما هي الرواية الثانية وهي تدل على جواز البدئة بالركعتين عند طلوع الفجر كما يدل عليه بالصراحة جملة من الروايات منها ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم عن ابن أبي يعفور قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن ركعتي الفجر متى أصليها فقال قبل الفجر ومعه وبعده وفي الصحيح عن محمد بن مسلم قال سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول صل ركعتي الفجر قبل الفجر وبعده وعنده وعنه أيضا قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن ركعتي الفجر فقال صلهما قبل الفجر ومع الفجر وبعد الفجر وعنه أيضا عن أبي جعفر عليه السلام قال صلهما مع الفجر وقبله وبعده وعن إسحاق بن عمار قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن الركعتين اللتين قبل الفجر قال قبيل الفجر ومعه وبعده قلت فمتى أدعهما حتى أقضيهما قال إذا قال المؤذن قد قامت الصلاة وعن الصدوق مرسلا قال قال الصادق عليه السلام صل ركعتي الفجر قبل الفجر وعنده وبعده تقرء في الأولى الحمد وقل يا أيها الكافرون وفي الثانية الحمد وقل هو الله أحد ويدل عليه أيضا الاخبار الآتية التي هي نص في جواز الاتيان بهما بعد طلوع الفجر الصادق قبل الفريضة وقد حمل في الحدائق الفجر في جميع الأخبار المتقدمة على الفجر الكاذب وحمل الاخبار الآتية التي هي صريحة في إرادة الفجر الثاني على التقية لزعمه انتهاء وقت الركعتين عند طلوع الفجر الثاني وفاقا لابن الجنيد على ما تقدمت حكايته عنه مستشهدا لذلك بالاخبار الناهية عن التطوع في وقت الفريضة وخصوص صحيحة زرارة وحسنته المتقدمتين الدالتين على أن الركعتين من صلاة الليل وموضعهما قبل طلوع الفجر وعند طلوع الفجر وعند طلوع الفجر يبدء بالفريضة مؤيدا له بالاخبار المتقدمة الامرة بادخالهما في صلاة الليل وان أول وقتهما سدس الليل الباقي وما دل على أنهما من صلاة الليل التي لا خلاف في أن وقتها قبل الفجر الثاني كموثقة أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال قلت ركعتا الفجر من صلاة الليل هي قال نعم وبقوله عليه السلام في خبر مفضل بن عمر المتقدم عند البحث عن جواز اتيان نافلة الليل بعد الفجر فإذا أنت قمت وقد طلع الفجر فابدء بالفريضة ولا تصل غيرها فجعل هذه الأخبار شاهدة على إرادة الفجر الأول من الأخبار المتقدمة واستشهد لتنزيل الاخبار التي هي نص في إرادة الفجر الثاني على التقية برواية أبي بصير المتقدمة الدالة على أن امر الصادق عليه السلام بفعلهما عد الفجر حادي مجرى التقية وفيه ان رواية أبي بصير وقع فيها السؤال عن وقت الركعتين فقوله عليه السلام بعد طلوع الفجر بمنزلة ما لو قال إن وقت ركعتي الفجر بعد طلوعه وهذا مخالف لجميع الأخبار المتقدمة عدى صحيحتي ابن الحجاج ويعقوب بن سالم المتقدمتين اللتين امر فيهما الصادق عليه السلام بفعلهما بعد الفجر ولفتوى أصحابنا وموافق لمذهب جمهور العامة على ما حكى عنهم فلو لا تصريح الصادق عليه السلام بصدوره تقية لكنا نحمله أيضا عليها بمقتضى القواعد الواصلة الينا منهم عليهم السلام نظير رواية أبي بكر الحضرمي قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام فقلت متى أصلي ركعتي الفجر قال حين يعترض الفجر وهو الذي تسميه العرب الصديع واما الأخبار المستفيضة المتقدمة الدالة على أن وقتها أعم من ذلك وانه قبل الفجر ومعه وبعده المعتضدة بموافقة المشهور ومخالفة الجمهور وكذا الاخبار الآتية الدالة على جوازها بعد الفجر فلا مقتضى لتأويلها أو حملها على التقية التي هي من ابعد التصرفات خصوصا في مثل هذه الأخبار الكثيرة التي ليس في شئ منها اشعار بذلك مع مخالفة الطائفة الأولى منها الدالة على أعمية الوقت للعامة وصدور غير واحد منها من أبي جعفر عليه السلام الذي كان يفتي في هذه المسألة بالحكم الواقعي كما وقع التصريح بذلك في رواية أبي بصير المتقدمة وحمل الفجر في تلك الأخبار على الفجر الكاذب في غاية البعد بل بعضها كرواية إسحاق نص في خلافه وليس شئ مما ذكره صالحا لمعارضة هذه الأخبار التي هي ما بين صريح أو كالصريح في امتداد وقتهما إلى ما بعد الفجر اما ما عدى روايتي زرارة وخبر المفضل فواضح إذ غاية مفادها الظهور في المدعى وهو لا يعارض النص والأظهر كما أن العمومات الناهية عن التطوع لا تعارض الخاص وخبر المفضل أيضا قابل لان يحمل على إرادة البدء بالفريضة في مقابل نافلة الليل لا الركعتين كما عرفته فيما تقدم واما خبري زرارة فيمكن حملهما على إرادة وقت الفضيلة اما حسنة فواضح واما صحيحته وان كان قد يترائى تعذر ارتكاب هذا التأويل فيها لقوة ظهورها في انحصار وقتهما بما قبل الفجر بملاحظة ما وقع فيها من التأكيدات البليغة التي ربما تجعلها كما نص؟ في ذلك لكن قد يقربه ما ستسمعه من أن الأقوى عدم حرمة التطوع في وقت الفريضة فلا يبعد ان يكون المقصود بهذه المبالغات بيان انما قبل الفجر
(٥٧)