بالصلاة والوقت باق فيجب الاتيان بها وما فعله أو لا لم يكن واجبا فلا يحصل به الامتثال واستدل العلامة في محكى المختلف للقول بالعدم بأنها صلاة شرعية فلا يجوز ابطالها لقوله تعالى ولا تبطلوا اعمالكم وإذا وجب اتمامها سقط بها الفرض لان امتثال الامر يقتضي الاجزاء انتهي وفي المدارك بعد نقل استدلال المختلف قال والجواب بعد تسليم دلالة الآية على تحريم ابطال مطلق العمل ان الابطال هنا لم يصدر من المكلف بل من حكم الشارع سلمنا وجوب الاتمام لكن لا نسلم سقوط الفرض بها والامتثال انما يقتضي الاجزاء بالنسبة إلى الامر الوارد بالاتمام لا بالنسبة إلى الأوامر الواردة بوجوب الصلاة ثم قال وربما بنى الخلاف في هذه المسألة على أن عبادة الصبي شرعية أو تمرينية وهو غير واضح واما إعادة الطهارة فيتجه بنائها على ذلك لان الحدث يرتفع بالطهارة المندوبة انتهى أقول لا يخفى ان الصبي الآتي بوظيفة الوقت كصلاة الصبح مثلا انما يقصد بفعله الاتيان بالمهية المعهودة التي أوجبها الله تعالى على البالغين لا طبيعة أخرى مغايرة لها بالذات ومشابهة لها في الصورة كفريضة الصبح ونافلته لكن لا يقع ما نواه صحيحا بناء على التمرينية وله ما نواه على تقدير شرعيته فهو على هذا التقدير مأمور دائما بصلاة الصبح بلغ أم لم يبلغ لكنه ما لم يبلغ مرخص في ترك امتثال الامر فيكون تكليفه ندبيا وبعد بلوغه غير مرخص في ذلك فيكون الزاميا ومتى اتى بتلك الطبيعة جامعة لشرائط الصحة سقط عنه هذا التكليف سواء كان ذلك بعد صيرورته الزاميا أم قبله من غير فرق بين ان يتعلق بذلك التكليف المستمر امر واحد كما لو امره قبل البلوغ بصلاة الصبح دائما ما دام حيا ثم رخصه في تلك الامتثال ما لم يبلغ امتنانا به أو ثبت بخطابين مستقلين بان قال يستحب صلاة الصبح قبل البلوغ وتجب بعده أو تستحب على الصبي وتجب على البالغ فان حصول المأمور به في الخارج على نحو تعلق به غرض الامر كما أنه مسقط للامر المتعلق به بالفعل كذلك مانع عن أن يتعلق به امر فيما بعد لكونه طليا للحاصل فظهر بما ذكر ضعف الاستدلال لوجوب الاستيناف بعمومات الامر بالصلاة في الكتاب والسنة الظاهرة في المكلفين من نحو قوله تعالى أقيموا الصلاة وغيره لما أشرنا إليه من انا اما نلتزم في مثل هذه الأوامر بان الخطاب يعم الصبي ولكن ثبت له جواز الترك بدليل منفصل كحديث رفع القلم ونحوه ولا يلزم من ذلك استعمال اللفظ في المعنى الحقيقي والمجازي كما هو واضح إذ لو سلم كون هذا النحو من الاستعمال مجازا فهو من باب عموم المجاز ولا ضير فيه بعد مساعدة القرينة عليه أو نقول بان المراد بمثل هذه الخطابات ليس الا الطلب الحتمي المخصوص بالبالغين وانما ثبت استحبابها للصبي بأمر اخر مما دل على شرعية عبادته ولكن قضية اتحاد متعلق الامرين كما هو المفروض موضوعا في كلمات الأصحاب الباحثين عن عبادة الصبي الآتي بوظيفة الوقت ويساعد عليه ما دل على شرعية عبادة الصبي كون حصول الطبيعة بقصد امتثال أحد الامرين مانعا عن تنجز التكليف بالاخر وان شئت قلت مرجع الامرين لدى التحليل إلى مطلوبية ايجاد الطبيعة المعهودة في كل يوم مرة على الاطلاق في حالتي الصغر والكبر وقضية كونها كذلك حصول الاجتزاء بفعلها مطلقا وبهذا يتوجه ما ذكره العلامة في عبارته المتقدمة المحكية عن المختلف من أن امتثال الامر يقتضي الاجزاء واما ما اعترض عليه صاحب المدارك وتبعه غير واحد ممن تأخر عنه من أن الامتثال انما يقتضي الاجزاء بالنسبة إلى الامر الوارد بالاتمام لا بالنسبة إلى الأوامر الواردة بوجوب الصلاة فكلام صوري ضرورة انه بعد تسليم صدور الامر باتمام الصلاة والنهي عن قطعها فلا معنى لذلك الا إرادة الاتيان ببقية الأجزاء بعنوان كونها جزء من الصلاة المأتى بها بقصد التقرب وامتثال الامر المتعلق بها فكما ان الاتمام يقتضي الاجزاء بالنسبة إلى الامر بالاتمام الذي هو توصلي محض كذلك حصول تمام الفعل خصوصا إذا كان بأمر الشارع واجازته يقتضي الاجزاء بالنسبة إلى الامر المتعلق بذلك الفعل نعم قد يقال إن الامر الذي أسقطه هذا الفعل هو الامر الاستحبابي الذي نوى امتثاله من أول الأمر دون الامر الوجوبي الذي تنجز عليه في أثناء الصلاة عند بلوغه كما يؤمى إلى ذلك ما في الجواهر حيث قال بعد ان استدل لوجوب الإعادة بعد البلوغ بالعمومات الظاهرة في المكلفين وفسر المراد من شرعية عبادة الصبي باستحبابها من امر اخر غير مثل قوله تعالى وأقيموا الصلاة ما لفظه فيكون اللذان تواردا على الصبي في الفرض أمرين ندبي وايجابي ومن المعلوم عدم اجزاء الأول عن الثاني بل لو كان حتما كان كذلك أيضا لأصالة تعدد المسبب بتعدد السبب خصوصا في مثل المقام الذي منشا التعدية فيه اختلاف موضوعين كل منهما تعلق به امر وهما الصبي والبالغ انتهى ولكنك عرفت ضعف هذا القول وان وحدة المتعلق مانعة عن أن يتعلق بذلك الفعل المفروض صحته امر في الأثناء أو بعد الفراغ منه ولذا لا يكاد يخطر في ذهن الصبي الذي بلغ بعد صلاته التي زعم صحتها وجوب اعادتها بعد البلوغ مع أن وجوب الصلاة على البالغين وعدم وجوبه على الصبي من الضروريات المغروسة في ذهنه فان شئت قلت إن اطلاق الامر المتوجه إلى البالغين منصرف عمن صلى صلاته صحيحة في وقتها وليس توارد الامرين على الصبي على سبيل الاجتماع حتى يلزمه تعدد متعلقهما ذاتا أو وجودا بل على سبيل التعاقب ولا مانع من تواردهما على فعل خاص بحسب اختلاف أحوال المكلف كاستحبابه في السفر ووجوبه في الحضر فكأنه قدس سره زعم أن متعلق كل من الامرين (تكليف مستقل) لا ربط بأحدهما بالاخر فرأى أن مقتضى اطلاق وجوب الصلاة على البالغ وجوب الاتيان بهذه الطبيعة بعد بلوغه مطلقا سواء اتى بها قبل البلوغ في ضمن فرد اخر أم لا لكن الامر ليس كذلك لما أشرنا إليه من أن المقصود بشرعية عبادة الصبي هو ان الصلوات المعهودة في الشريعة التي أوجبها الله تعالى على البالغين جعلها بعينها مسنونة للصبي نظير ما لو قال صلاة الوتر مثلا واجبة على الحاضر ومستحبة للمسافر أو صلاة الجمعة واجبة عينا على الحر الحاضر وتخييرا للعبد والمسافر أو انها مستحبة لهما إلى غير ذلك من الموارد التي اتحد فيها التكليف مع اختلاف الطلب بلحاظ أحوال المكلف فلا مسرح حينئذ في مثل هذه الموارد للتمسك بأصالة الاطلاق بعد فرض
(٦٧)