شرعية الصلاة وعدم الاجتزاء بها ما ليحرز شرطها الذي هو الوقت بالعلم أو بظن معتبر كما هو واضح وان غلب على ظنه دخول الوقت اي ترجح في نظره احتماله فظن به صلى ولا يجب عليه حينئذ التأخير على الأظهر الأشهر بل المشهور بل عن التنقيح وغيره دعوى الاجماع عليه خلافا لابن الجنيد فقال على ما حكى عنه ليس للشاك يوم الغيم ولا غيره ان يصلى الا عند تيقنه الوقت وصلاته في اخر الوقت مع اليقين خير من صلاته مع الشك انتهى فكأنه قدس سره أشار بقوله وصلاته في اخر الوقت إلى اخره إلى قول الصادق عليه السلام في خبر الحسن العطار لان أصلي ظهر في وقت العصر أحب إلى من أن أصلي قبل ان تزول الشمس ومال إلى هذا القول في المدارك فقال بعد نقل القولين ما لفظه احتج الأولون برواية سماعة قال سئلته عن الصلاة بالليل والنهار إذا لم ير الشمس ولا القمر ولا النجوم قال اجتهد رأيك وتعمد القبلة جهدك قبل وهذا يشتمل الاجتهاد في الوقت والقبلة ويمكن ان يستدل له أيضا برواية أبي الصباح الكناني قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل صام ثم ظن أن الشمس قد غابت وفي السماء علة فأفطر ثم إن السحاب انجلى فإذا الشمس لم تغب فقال قد تم صومه ولا يقضيه وإذا جاز التعويل على الظن في الافطار جاز في الصلاة إذ لا قائل بالفرق وصحيحة زرارة قال قال أبو جعفر عليه السلام وقت المغرب إذا غاب القرص فان رايته بعد ذلك وقد صليت أعدت الصلاة ومضى صومك ويكف عن الطعام ان كنت أصبت منه شيئا وتقريب الاستدلال ما تقدم ويمكن المناقشة في الروايتين الأولتين بضعف السند وفي الثالثة بقصور الدلالة والمسألة محل تردد وقول ابن الجنيد لا يخلو من قوة انتهى وعن الذخيرة أيضا التردد فيه وفي الحدائق بعد ان نقل عبارة المدارك قال لا يخفى ان ما ذكره من الاستدلال برواية سماعة مبنى على حمل الاجتهاد على الوقت والظاهر بعده بل المراد انما هو الاجتهاد في القبلة فيكون العطف تفسيريا فلا يكون الرواية المذكورة من المسألة في شئ انتهى أقول ولا يخفى عليك ان تنزيل الجواب على إرادة الاجتهاد في خصوص القبلة في غاية البعد فان المنساق من السؤال ليس الا الاستفهام عما يقتضيه تكليفه بالنسبة إلى الصلوات الموقتة بأوقات مخصوصة من الليل والنهار عند التباس أوقاتها بواسطة اختفاء الشمس والقمر والنجوم اللاتي بها يميز اجزاء الوقت لا بالنسبة إلى القبلة التي لا تتوقف معرفتها على رؤية الشمس والقمر والنجوم الا من باب الاتفاق في الاسفار ونحوها فالمقصود بالاجتهاد بحسب الظاهر اما في خصوص الوقت فيكون قوله عليه السلام وتعمد القبلة جهدك للارشاد إلى كيفية الاجتهاد بجعله إلى سمط القبلة بلحاظ ان استكشاف الوقت بالتحري إلى هذه الجهة أقرب إلى الاعتبار كما هو واضح بالنسبة إلى الزوال حيث إن فيه مظنة ان يظهر من عين الشمس اثر يميز به الوقت وبالنسبة إلى غيره أيضا لا يبعد ان يكون كذلك لقوة احتمال ان يكون الموانع عن الرؤية التي هي عبارة عن الغيم ونحوه في سمط الجنوب الذي هو جهة القبلة بالنسبة إلى المدينة ونحوها مما ينزل عليه اطلاق الروايات أخف واسرع إلى الزوال غالبا أو ان المقصود به الاجتهاد فيه وفي القبلة أيضا فنبه الإمام عليه السلام على حكم الجهل بالقبلة أيضا الذي قد ينشأ من اختفاء الشمس والقمر والكواكب وان لم ينسبق ارادته من السؤال فالانصاف عدم قصور في دلالة الرواية واما ضعف سندها فمجبور بالعمل كما أن خبر الكناني أيضا كذلك هذا مع أن الخدشة في رواية الكناني بضعف السند غير ضائر لورود مضمونها في غيرها من الروايات المعتبرة المعمول بها لدى الأصحاب منها صحيحة أخرى لزرارة أيضا عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال لرجل ظن أن الشمس قد غابت فأفطر ثم ابصر الشمس بعد ذلك فقال ليس عليه قضاء واحتمال ان يكون المراد بالظن هو الاعتقاد الجزمي المخالف للواقع لشيوع اطلاقه عليه مدفوع بمخالفته للظاهر المعتضد بفتوى الأصحاب ونقل اجماعهم على جواز الافطار عند ظن الغروب إذا لم يكن للظان طريق إلى العلم من غير نقل خلاف فيه كما أنه لا ينبغي الاعتناء إلى احتمال اختلاف الحكم في باب الصلاة والصوم بعد اتحاد موضوعهما ومخالفة التفصيل للمشهور بل عن بعض دعوى في لقول بالفصل وما في الصحيحة الأولى من التفصيل بين الصلاة والصوم انما هو بعد استكشاف الخلاف واحراز وقوع الصلاة قبل الوقت فهو لا ينافي جواز فعلها مع الظن كما هو ظاهر الجواب بناء على أن يكون المراد به بيان الحكم عند دخول الصلاة مع الظن كما ادعاه بعض نظرا إلى أن رؤية القرص لا تتحقق عادة الا على تقدير الظن لا القطع وفيه نظر فالاستدلال بالصحيحة الأولى لاثبات المدعى لا يخلو عن تأمل وكيف كان فمما يدل على المشهور أيضا الروايات الدالة على الاعتماد على صياح الديك التي هي من أضعف الامارات منها ما عن المشايخ الثلاثة في الصحيح أو الحسن في كتابي الكليني والشيخ عن أبي عبد الله الفراء عن أبي عبد الله عليه السلام قال قال له رجل من أصحابنا ربما اشتبه الوقت علينا في يوم غيم فقال أتعرف هذه الطيور التي تكون عندكم بالعراق يقال لها الديكة فقالت نعم فقال إذا ارتفعت أصواتها وتجاوبت فقد زالت الشمس أو قال فصله كذا عن الكتابين المتقدمين وعن الفقيه فعند ذلك فصل وعنهم أيضا عن الحسين بن المختار قال قلت للصادق عليه السلام اني مؤذن فإذا كان يوم غيم لم اعرف الوقت فقال إذا صاح الديك ثلاثة أصوات ولاء فقد زالت الشمس ودخل وقت الصلاة واختار في المستند جواز الاعتماد على صياح الديك مطلقا حتى مع التمكن من معرفة الوقت بطريق علمي كخبر الثقة وأذانه زاعما ان الاخبار وان وردت في يوم غيم لكن لا عبرة بخصوص المورد وانما العبرة بعموم الجواب فالتزم بان مقتضى الأصول والقواعد بعض الأخبار المتقدمة وجوب تحصيل العلم بالوقت ولكنها خصصت بالاخبار الدالة على جواز التعويل على اذان الثقة العارف بالوقت والأخبار الواردة في صياح الديك من غير فرق بين حالتي التمكن من تحصيل العلم وعدمه وقد عرفت انفا ان ما ذكره من التعميم بالنسبة إلى خبر الثقة وإذا انه وجيه واما التعدي عن مورد الأخبار الواردة في صياح الديك فهو في غير محله وما ذكره من أن العبرة بعموم الجواب ففيه ان ظاهرة وان كان
(٧١)