نسبته إلى الأصحاب ويدل عليه رواية سيف بن عميرة عن أبي بكر الحضرمي عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا تقرء في الفجر شيئا من ال حم إذ الظاهر كون النهي لفوت الوقت كما افصح عن ذلك ما رواه أيضا سيف بن عميرة عن عامر بن عبد الله قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول من قرء شيئا من ال حم في صلاة الفجر فاته الوقت وقد يناقش في الاستدلال بان المراد بالوقت في هذا الخبر بحسب الظاهر هو وقت الفضيلة ضرورة ان وقت الاجزاء أوسع من ذلك فلابد من حمل النهي على الكراهة ويمكن دفعه بعد تسليم ان المراد بالوقت في الرواية هو الوقت الأول كما هو الظاهر بان هذا لا ينفي دلالة النهي على الحرمة فيما هو محل الكلام توضيح ذلك أنه يفهم من مجموع الخبرين ان قراءة ما يفوت الوقت بقرائته منهى عنه وان علته كونه موجبا لفوات الوقت وهذه العلة يقتضي صرف النهي عن ظاهره بالحمل على ما يناسبه علته في كل مورد بحسبه فلو بنينا مثلا على أن تفويت الوقت الأول اختيارا حرام للحاضر ومكروه للمسافر لكنا نلتزم بان قراءة ما يوجبه أيضا بحكمه اخذا بظاهر ما يفهم من الخبرين من تعدية المنع المتعلق بالتفويت إلى القراءة الموجبة له وحيث إن تفويت وقت الاجزاء حرام يكون النهي المسبب عنه المتعلق بسببه أيضا كذلك وكون مورد النص خصوص الوقت الأول الذي يجوز تقوية غير قادح إذ العبرة بعموم ما يفهم من الخبر لا بخصوص المورد وكان هذا هو السر في أنه لم يناقش أحد ممن عثرنا على كلماتهم في الاستدلال بالخبر المزبور من هذه الجهة ولا يلزم مما ذكرناه من اختلاف ما يقتضيه النهي حرمة وكراهة بحسب الموارد على حسب ما يقتضيه علته كونه مستعملا في معنيين كما يظهر وجهه مما حققناه في مبحث لباس المصلي في توجيه موثقة ابن بكير فليتأمل ويمكن الاستدلال له أيضا بان الواجب عليه مع ضيق الوقت الصلاة مع سورة يسعها الوقت لامتناع كونه مكلما بما يقصر عن أدائه الوقت فاتيان غيرها بقصد الجزئية تشريع محرم واما لو لم يقصد بها الجزئية فلا تحرم القراءة من حيث هي وان استلزمت محرما لأن مستلزم المحرم ليس بمحرم نعم لو قلنا بان الامر بالشئ يستلزم النهي عن ضده اتجه القول بحرمتها مطلقا ولكن الحق خلافه كما تحقق في محله اللهم الا ان يستدل عليه باطلاق الخبر المزبور فإنه وان كان منصرفا إلى ما لو قرأها بقصد الجزئية كاطلاق فتاوي الأصحاب ولكن قضية ما يفهم من مجموع الخبرين من كون النهي لفوات الوقت التعميم فهو لا يخلو عن قوة وهل تبطل الصلاة أيضا بقرائتها قولان ربما يستشعر من كلماتهم ان أولهما اشهر بل المشهور بل عن الحدائق نسبة التحريم والبطلان إلى الأصحاب بل عن بعض القول بالبطلان بمجرد الشروع وعمدة المستند للبطلان ما سبق في نظائر المسألة من استلزامه الزيادة التشريعية وان النهي المتعلق بجزء العبادة يستلزم فساد كلها لصيرورة الكل بواسطة جزئه منهيا عنه وان القراءة المحرمة كلام أجنبي مبطل للصلاة وقد تبين فيما سبق ضعف الجميع ولذا تردد فيه بل قوى في لبطلان غير واحد من المتأخرين إذ لا يترتب عليه الا ترك السورة القصيرة التي كان مكلفا بقرائتها في صلاته وهي مما يسقط اعتباره لدى الضيق ولو بسبب الاشتغال بالقراءة المحرمة إذ الظاهر في لفرق في الضيق المسقط للسورة بين كونه لعذر أو بسوء اختيار المكلف هذا ولكنك عرفت مرارا ان الالتزام بصحة العبادات الاضطرارية التي نشأ الاضطرار إلى فعلها من سوء اختيار المكلف لا يخلو عن اشكال فالأحوط ان لم يكن أقوى في مثل هذه الموارد هو الجمع بين فعلها في الوقت وقضائها في خارجه عملا بما يقتضيه قاعدة الشغل ثم إن ما ذكر من سقوط اعتبار السورة لدى الضيق فإنما يتجه فيما إذا تلبس في الضيق بسائر الاجزاء قبل خروج وقتها واما لو خرج الوقت حال تلبسه بقراءة هذه السورة الطويلة أو بعد الفراغ منها قبل ان يتلبس بالركوع فلا لأن ضيق الوقت لا يؤثر في سقوط السورة عما يأتي به بعد الوقت ففي مثل هذا الفرض يمكن ان يقال إنه لو اكتفى بالسورة التي قرأها بطلت صلاته من حيث النقيصة إذ لا اعتداد بما قرأها لوقوعها على وجه غير مشروع وان أعادها أو قرء غيرها فمن حيث الزيادة أو القران ولكنك عرفت مرارا انا لم نسلم مبطلية مثل هذه الزيادة كما أن لا نسلم حرمة القران ولا مبطلية وعلى فرض التسليم فهو في غير مثل المقام كما سيأتي تحقيقه فعليه في مثل الفرض قراءة السورة بعد خروج الوقت ولا محذور فيه ويمكن الالتزام بكفاية ما قرء بدعوى كونه حال قرائته مأمورا به على سبيل الترتب ولكن هذا ينافي الالتزام بحرمته كما هو ظاهر النص وفتاوي الأصحاب بل صريح كثير منهم بل عن بعضهم دعوى عدم الخلاف فيه كما تقدمت الإشارة إليه وربما يفصل في المسألة بين ما لو كانت السورة الطويلة موجبة لفوات الوقت قبل ادراك ركعة من الصلاة أو بعده فتبطل على الأول لأنه حال الشروع كان مأمورا بصلاة أدائية وقد فرط فيها ولم يأت بها في وقتها كي تقع أداء ولم يكن الامر بقضائها حال الشروع منجزا عليه كي تصح قضاء وهذا بخلاف ما لو وقع ركعة منها في الوقت فإنها تصح حينئذ أداء كما عرفته في المواقيت وفيه ما تقدمت الإشارة إليه مرارا من أن القضاء وان كان بأمر جديد الا ان الامر الجديد كاشف عن أن مطلوبية الصلوات الموقتة مستمرة وان تقيدها بأوقاتها من قبيل تعدد المطلوب فلا يسقط طلبها بفوات وقتها فيستفاد من هذا صحة التلفيق وجواز التلبس بالصلاة التي يقع بعضها في الوقت وبعضها في خارجه مع خروجه عن موضوع كل من الامرين اي الامر بفعلها في الوقت وفي خارجه وان لم نقل بقاعدة من أدرك أو منعنا عمومها بالنسبة إلى ما عدى صلاة الفجر التي ورد فيها بعض النصوص المعتبرة أو فرضنا الكلام فيما لو أدرك في الوقت أقل من ركعة فالأظهر في لفرق بين الصورتين كما أن الأقوى في لفرق بين الاشتغال بقراءة سورة موجبة لفوات الوقت أو السكوت الموجب له الغير المخل بالتوالي فلا تبطل الصلاة بشئ منهما على تردد فالأحوط اعادتها في خارج الوقت كما تقدمت الإشارة إليه والله العالم وقد يستدل للبطلان أيضا بالخبر المزبور وفي دلالته عملية نظر بل منع كما نبه عليه شيخنا المرتضى رحمه الله فأجاب عن الاستدلال بهذا الخبر بأنه لا يدل على أزيد من التحريم المقدمي الناشي من افضائه إلى ترك الفعل الواجب في وقته المضروب له ومجرد هذا التحريم بل التحريم التشريعي الحاصل من استلزام الامر بالشئ أعني السورة القصيرة في لامر بضده بل التحريم الاستقلالي بناء على استلزام الامر بالشئ النهي عن ضده لا يثبت الا فساد الجزء وهو لا يستلزم فساد الكل ما لم يوجب نقص جزء أو شرط والسورة القصيرة
(٢٩٥)