بحيث لم يكن يتوهم المنع عن أصل القراءة في الفريضة فسئل عن انه عند قرائتها سورة النجم التي يكون آية السجدة في اخرها وليس بعدها قراءة هل يترك سجدة العزيمة ويركع عن هذه القراءة أم يسجد للعزيمة ثم يقوم فيقرء غيرها ويركع فاجابه الإمام عليه السلام أولا عما كان محط نظره في السؤال من بيان ما هو وظيفته عند قراءة العزيمة في الصلاة التي يجوز قرائتها فيها ثم نبه على أن خصوص المورد ليس مما يجوز فيه ذلك لأن ذلك زيادة في الفريضة فلا يعود يقرء فيها بسجدة وربما يستدل بهذه الرواية للكراهة حيث يظهر من صدرها جوازه فيحمل ما في ذيلها من النهي عنه في الفريضة على الكراهة كما ربما يؤيده النهي عن العود من غير أن يأمره بإعادة ما مضى وفيه انه لا يبقى للصدر ظهور في الجواز بعد ان صرح في الذيل بان ذلك زيادة في الفريضة ونهاه عن أن يعود وعدم امره بإعادة ما مضى لعله لكون السؤال مبنيا على الفرض أو للاكتفاء بما بينوه على سبيل الكلية وضرب القاعدة من أن من زاد في صلاته فعليه الإعادة أو لكون الجاهل معذورا أو غير ذلك من الوجوه المقتضية للاهمال واستدلوا أيضا للمدعى بان ذلك اي قراءة العزيمة في الفريضة مستلزم للمحرم ومستلزم المحرم محرم اما الصغرى فلانه لا يخلو اما ان يسجد في أثناء الصلاة فيلزم زيادة السجدة في أثنائها عمدا أم لا بل يؤخرها إلى أن يفرغ من الصلاة فيلزم الاخلال بالواجب الفوري واما الكبرى فظاهر واعترض عليه بابتنائه على حرمة زيادة السجدة في الصلاة مطلقا وان لم يكن لأجل الصلاة وعلى كون الوجوب للسجدة فوريا بحيث ينافيه التأخير إلى أن يفرغ من الصلاة وهما ممنوعان وأجيب عن ذلك بفساد المنع المزبور فان تعليله عليه السلام المنع من القراءة بقوله عليه السلام السجود زيادة في المكتوبة يكفي لاثبات المقدمتين الممنوعتين إذ لو لم يكن زيادة السجدة مطلقا محرمة لما استقام التعليل وكذلك الحال بالنسبة إلى الفورية وفيه ان هذا خروج عن الاستدلال بهذا الدليل إذ الاستدلال بكل دليل مبني على الاغماض عما عداه من الأدلة التي قد لا يلتزم بمفادها الخصم أو يلتزم به لمحض التعبد أو على ضرب من التأويل كما هو الشأن في باب المناظرة ويتوجه على الدليل المزبور أيضا منع كون قراءة العزيمة مستلزمة للمحرم لأن السجدة اما تجب فورا بقرائتها مطلقا حتى في أثناء الصلاة أم لا فعلى الأول لا حرمة في زيادتها بل تجب وعلى الثاني يجوز تأخيرها فهي غير مستلزمة للمحرم نعم هي سبب لامر الشارع اما بزيادة السجدة التي لولا هذا السبب لكانت محرمة أو بتأخير السجدة التي لولا أنها في الصلاة لوجبت فورا وليس للعقل استقلال بقبح مثل هذا السبب أو حرمته وما يقال من أن التسبيب إلى مزاحمة المضيقين الموجب لسقوط أحدهما ولو كان بأمر الشارع بمنزلة ترك الساقط اختيارا لا يخلو عن تأمل نعم قضية التعبد بظواهر الأخبار الناهية عنه المعللة بان السجود زيادة في المكتوبة هي الالتزام بحرمته ان لم نقل بظهور مثل هذه النواهي في كونها مسوقة لبيان مجرد الحكم الوضعي أعني بطلان الصلاة بزيادة السجدة التي تجب بقراءة العزائم كما لا يخلو عن وجه وان كان الأوجه دلالتها على الحكم التكليفي أيضا وأوضح منها دلالة على ذلك ما لم يشتمل منها على التعليل المزبور كموثقتي سماعة وعمار المتقدمتين كما لا يخفى فالأظهر ما هو المشهور من حرمة قراءة العزائم في الصلاة خلافا لما يظهر من المدارك من الميل بل القول بالجواز فإنه بعد ان نقل استدلال المشهور بالدليل العقلي المزبور وناقش فيه ببعض المناقشات المزبورة واستدل لهم برواية زرارة المتقدمة وناقش فيها بضعف السند قال وبإزائها اخبار كثيرة دالة على الجواز ثم ذكر جملة من الاخبار الآتية التي يظهر منها الجواز إلى أن قال ويمكن الجمع بينها وبين رواية زرارة المتقدمة بحملها على الكراهة كما يشهد به رواية علي بن جعفر انه سئل أخاه موسى عليهما السلام عن الرجل يقرء في الفريضة سورة والنجم وساق الحديث كما قدمنا نقله ثم قال والحق ان الرواية الواردة بالمنع ضعيفة جدا فلا يمكن التعلق بها فان ثبت بطلان الصلاة بوقوع هذه السجدة في أثنائها وجب القول بالمنع من قراءة ما يوجبه من هذه السور يلزم منه المنع من قراءة السورة كلها ان أوجبنا قراءة سورة بعد الحمد وحرمنا الزيادة اي على سورة وان أجزنا أحدهما اختص المنع بقراءة ما يوجب السجود خاصة وان لم يثبت بطلان الصلاة بذلك كما هو الظاهر اتجه القول بالجواز مطلقا وتخرج الأخبار الواردة بذلك شاهدة انتهى أقول اما الاستشهاد بخبر علي بن جعفر للجمع بين الاخبار بحمل النهي على الكراهة ففيه ما عرفته انفا من ظهور هذه الرواية بنفسها في الحرمة واما المناقشة في الرواية الواردة في المنع بضعف السند فهي وان كانت وجيهة لديه حيث لا يجوز العمل الا بالروايات الصحيحة المصطلحة ولكن لدينا ضعيفة جدا لانجبار ضعفه لو كان بالاجماعات المستفيضة التي كادت تكون متواترة المعتضدة بالشهرة وشذوذ المخالف هذا مع استفاضة اخبار المنع واعتضاد بعضها ببعض مع كون بعضها بنفسها موثقة واما الاخبار المعارضة لها التي يستظهر منها الجواز فمنها حسنة الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام انه سئل عن الرجل يقرء السجدة في اخر السورة قال يسجد ثم يقول فيقرء فاتحة الكتاب ثم يركع ويسجد وصحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال سألته عن الرجل يقرء السجدة فينساها حتى يركع ويسجد قال يسجد إذا ذكر إذا كانت من العزائم وخبر وهب بن وهب عن أبي عبد الله عن علي عليهم السلام قال إذا كان اخر السورة السجدة أجزاك ان تركع بها أقول قضية الجمع بين هذه الروايات وبين الأخبار المتقدمة التي ورد فيها النهي عن قرائتها في الفريضة دون النافلة حمل هذه الأخبار على النافلة هذا مع أن هذه الروايات ليست مسوقة لبيان أصل الجواز كي يفهم منها ذلك في جميع الصلوات على الاطلاق بل هي مسوقة لبيان حكم اخر فلا يصح التعلق بها لاثبات الجواز في الفرائض الا ان يدعى ان المتبادر إلى الذهن من الروايات الواردة فيما يتعلق بالصلاة إرادة الفرائض فليتأمل ومنها خبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال إن صليت مع قوم فقرء الإمام اقرأ باسم ربك الذي خلق أو شيئا من العزائم وفرغ من قرائته ولم يسجد فاوم ايماء والحائض تسجد إذا سمعت السجدة أقول المراد بالإمام في هذه الرواية امام المخالف فلا تدل على جوازه كي يعارض الأخبار المتقدمة بل في بعض تلك الأخبار التنبيه على الحكم المذكور في هذه الرواية وصحيحة علي بن جعفر المروية عن التهذيب عن أخيه موسى عليه السلام قال سألته عن امام قوم قرء السجدة فأحدث قبل ان يسجد كيف يصنع قال يقدم غيره فيتشهد ويسجد وينصرف هو وقد تمت صلاته وعن قرب الإسناد نحوه الا أنه قال يقدم غيره فيسجد ويسجدون وينصرف وقد تمت صلاته وهذه الصحيحة ظاهرة في الفريضة وحملها على النافلة
(٢٩١)