المتقدمة ويزيد ذلك تأكيدا خبر عبد الله بن أبي يعفور عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا بأس ان تجمع في النافلة من السور ما شئت وخبر محمد بن القاسم قال سألت عبدا صالحا هل يجوز ان يقرء في صلاة الليل بالسورتين والثلاث فقال ما كان من صلاة الليل فاقرء بالسورتين والثلاث وما كان من صلاة النهار فلا تقرء الا بسورة سورة وفيه دلالة على ترجيح ترك القرآن في النافلة النهارية ويحتمل ان يكون المراد به مطلق الصلاة أو خصوص الفريضة والله العالم ويجب الجهر بالحمد والسورة في الصبح وفي أولتي المغرب والعشاء والاخفات بهما في الظهرين الا في أوليهما يوم الجمعة كما ستعرف وثالثة المغرب والأخيرتين من العشاء على المشهور بل عن الخلاف والغنية دعوى الاجماع عليه فعن الأول أنه قال من جهر في صلاة الاخفات أو خافت في صلاة الجهر متعمدا بطلت صلاته وخالف جميع الفقهاء في ذلك دليلنا اجماع الفرقة وعن الثاني أنه قال ويجب الجهر بجميع القراءة في أولى المغرب والعشاء الآخرة وصلاة الغداة بدليل الاجماع المشار إليه إلى أن قال و يجب الاخفات فيما عدى ما ذكر بدليل الاجماع المشار إليه وفي السرائر ادعى الاجماع على بطلان صلاة من جهر فيها يخفت فيه متعمدا ولم يصرح به في عكسه بل قال الجهر فيما يجب الجهر فيه واجب على الصحيح من المذهب ثم نقل الخلاف فيه عن السيد رحمه الله وكيف كان فقد حكى الخلاف في المسألة عن ابن الجنيد والسيد المرتضى فعن الأول أنه قال لو جهر بالقراءة فيما يخافت بها أو خافت فيما يجهر بها جاز ذلك والاستحباب ان لا يفعله وعن السيد في المصباح ان ذلك من السنن المؤكدة وعن جماعة من المتأخرين الميل إليه والقول به لولا مخافة مخالفة الاجماع واستدل للمشهور مضافا إلى الاجماعات المنقولة المعتضدة بالشهرة بجملة من الاخبار منها صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في رجل جهر فيما لا ينبغي الاجهار فيه واخفى فيما لا ينبغي الاخفاء فيه فقال اي ذلك فعل متعمدا فقد نقض صلاته وعليه الإعادة وان فعل ذلك ناسيا أو ساهيا أو لا يدري فلا شئ عليه وقد تمت صلاته أقول في الوسائل روى هذه الصحيحة هكذا ثم ذكر ان الشيخ رواها بأسناده نحوه وفي المدارك (رواها) عن الشيخ نحوه الا أنه قال قلت له رجل جهر بالقراءة فيما ينبغي ان يجهر فيه أو اخفى الحديث وصحيحة الأخرى عنه أيضا قال قلت له رجل جهر بالقراءة فيما لا ينبغي الجهر فيه أو اخفى فيما لا ينبغي الاخفاء فيه وترك القراءة فيما ينبغي القراءة فيه أو قرء فيما لا ينبغي القراءة فيه فقال اي ذلك فعل ناسيا أو ساهيا فلا شئ عليه ووقوع التعبير بلفظ ينبغي في السؤال لا يوهن ظهور الرواية في الوجوب لا لمجرد وقوعه في السؤال بل لظهور السؤال في جهله بالحال وكون التعبير جاريا على حسب ما ينبغي صدوره من الجاهل بحكمه من حيث الوجوب والاستحباب في مقال السؤال وكذا التعبير بالنقص في الجواب في الصحيحة الأولى بناء على كونه بالصاد المهملة فإنه وان كان معشرا بالكراهة ولكنه لا يلتفت إليه بعد الامر بالإعادة كما لا يخفى وما رواه الصدوق وباسناده عن الفضل بن شاذان عن الرضا عليه السلام في حديث انه ذكر العلة التي من اجلها جعل الجهر في بعض الصلوات دون بعض ان الصلوات التي يجهر فيها انما هي في أوقات مظلمة فوجب ان يجهر فيها ليعلم المار ان هناك جماعة فان أراد ان يصلي صلى لأنه ان لم ير جماعة علم ذلك من جهة السماع والصلاتان اللتان لا يجهر فيهما انما هما بالنهار في أوقات مضيئة فهي من جهة الرؤية لا تحتاج فيها إلى السماع وما رواه أيضا بأسناده عن محمد بن عمران انه سئل أبا عبد الله عليه السلام فقال لأي علة يجهر في صلاة الجمعة وصلاة المغرب وصلاة العشاء الآخرة وصلاة الغداة وسائر الصلوات الظهر والعصر لا يجهر فيهما إلى أن قال فقال لأن النبي صلى الله عليه وآله لما أسري به إلى السماء كان أول صلاة فرض الله عليه الظهر يوم الجمعة فأضاف الله عز وجل إليه الملائكة تصلي خلفه وامر نبيه صلى الله عليه وآله ان يجهر بالقراءة ليتبين لهم فضله ثم فرض عليه العصر ولم يضف إليه أحدا من الملائكة وأمره ان يخفي القراءة لأنه لم يكن ورائه أحد ثم فرض عليه المغرب وأضاف إليه الملائكة فأمره بالاجهار وكذلك العشاء الآخرة فلما كان قرب الفجر نزل ففرض الله عليه الفجر فأمره بالاجهار ليبين للناس فضله كما بين للملائكة فلهذه العلة يجهر فيها الحديث وعنه في العلل بأسناده عن محمد بن حمزة مثله الا انه ذكر صلاة الفجر موضع صلاة الجمعة وترك ذكر الغداة ومما يؤيد المطلوب معهودية الجهر في بعض الصلوات والاخفات في بعض على سبيل التوظيف كما يظهر ذلك من تتبع الاخبار مثل ما رواه في الفقيه باسناده عن يحيى بن أكثم القاضي انه سئل أبا الحسن الأول عليه السلام عن صلاة الفجر لم يجهر فيها بالقراءة وهو من صلاة النهار وانما يجهر في صلاة الليل فقال لأن النبي صلى الله عليه وآله كان يغلس بها فقربها من الليل إلى غير ذلك من النصوص الكثيرة الوارد في باب الجماعة في بيان وظيفة المأمور من السكوت أو الذكر أو القراءة في الصلوات الجهرية والاخفاتية ففي بعضها مما وقع فيه السؤال عن القراءة خلفه اما الصلاة التي لا يجهر فيها بالقراءة فان ذلك جعل إليه فلا تقرء خلفه واما الصلاة التي يجهر فيها فإنما امر بالجهر لينصت من خلفه فان سمعت فانصت وان لم تسمع فاقرأ وربما يستظهر من هذه الرواية وجوب الجهر في الجهرية والاخفات في الاخفاتية على الإمام فيتم فيما عداه بعدم أطول بالفصل إلى غير ذلك من الأخبار الواردة في سائر الأبواب مما يقف عليه المتتبع واستدل له أيضا بمداومة النبي صلى الله عليه وآله وجميع الصحابة والأئمة عليهم السلام فيجب التأسي بهم ونوقش فيه بمنع وجوب التأسي فيما لم يعلم وجهه بل هو مستحب وفيه ان هذا في غير الصلاة التي روى فيها عنه صلى الله عليه وآله أنه قال صلوا كما رأيتموني أصلي فان مقتضاه وجوب التأسي به الا ان يدل دليل خارجي على عدمه ومداومتهم على الجهر في البعض والاخفات في بعض تنفي احتمال جريهما مجرى العادة أو من باب الاتفاق كي يمكن الخدشة في دلالة الخبر على الوجوب في مثله فليتأمل واستدل للقول بالاستحباب بالأصل وقوله تعالى ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا فإنه شامل للصلوات كلها وصحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال سألته عن الرجل يصلي من الفرائض ما يجهر فيه بالقراءة هل عليه ان لا يجهر قال إن شاء جهر وان شاء لم يجهر والجواب اما عن الأصل فبانقطاعه بالدليل واما الآية فهي لا تخلو عن تشابه وقد ورد في تفسيرها اخبار كثيرة غير منافية لوجوب الجهر أو الاخفات ما لم يبلغ حد الافراط من أرادها فليطلب من مظانها وكفى في تضعيف الاستدلال بالآية ما حكى من فعل النبي صلى الله عليه وآله من الاجهار
(٢٩٨)