ان الفعل الصادر من العارف تحقيقه له ظهور عرفي يعتد به لدى العقلاء ناشئ من شهادة الحال في أن الاجزاء دخلا في تحقق العنوان المقصود بذلك الفعل ولكن الشان في اثباته وجواز التعويل عليه الا ان ما ادعى تواتره من مدلولته النبي صلى الله عليه وآله على قراءة السورة فهو مما يتحقق هذا الظهور كما أن ما اشتهر عنه صلى الله عليه وآله في الكتب الاستدلالية من قوله صلى الله عليه وآله صلوا كما رأيتموني أصلي يصحح التعويل عليه فليتأمل وربما يستدل له أيضا بالاخبار الدالة على تحريم العدول من سورة التوحيد والجحد إلى ما عدى سورة الجمعة والمنافقين كصحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا فتحت صلاتك بقل هو الله أحد وأنت تريد ان تقرء غيرها فامض فيها ولا ترجع الا ان يكون في يوم الجمعة الحديث إلى غير ذلك من الاخبار الآتية في محلها إن شاء الله وتقريب الاستدلال انه لولا وجوب السورة لما وجب المضي فيها بمجرد الشروع ولم يكن العدول حراما وفيه تأمل وكيف كان فعمدة المستند لاثبات المدعى وصحة التعويل على مثل هذه الأدلة وان أمكن الخدشة في كثير منها لو لوحظ كل واحد واحد من حيث هو اما بقصور في دلالته أو سنده انما هو اشتهار القول به بين الخاصة قديما وحديثا واستفاضة نقل اجماعهم عليه المعتضد بعدم معروفية خلاف يعتد به فيما بين القدماء بل معروفية وجوب السورة في الصلاة اجمالا بين أصحاب الأئمة الذين هم الأصل في استكشاف رأي المعصوم من اجماعهم كما يستشعر ذلك أو يستظهر من كثير من رواياتهم التي وقع فيها السؤال عن الاجتزاء بفاتحة الكتاب وحدها في مقام الضرورة والاستعجال كخبر علي بن جعفر المروي وعن قرب الإسناد عن أخيه موسى عليه السلام قال سئلته عن الرجل يكون مستعجلا أيجزيه ان يقرء في الفريضة بفاتحة الكتاب وحدها قال لا بأس ورواية الحسن الصيقل قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام أيجزي عني ان أقول في الفريضة فاتحة الكتاب إذا كنت مستعجلا أو اعجلني شئ قال لا بأس وصحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال سئلته عن الذي لا يقرء بفاتحة الكتاب في صلاته قال لا صلاة له الا ان يقرئها في جهر أو اخفات قلت أيما أحب إليك إذا كان خائفا أو مستعجلا يقرء سورة أو فاتحة الكتاب قال فاتحة الكتاب إلى غير ذلك من الشواهد والمؤيدات التي يستكشف منها معروفية اعتبار السورة في الصلاة في الجملة لدى الخاصة من الصدر الأول فلا ينبغي الارتياب فيه خصوصا بعد اعتضاده بما تقدمت حكايته عن المنتهى من دعوى تواتر النقل عن النبي صلى الله عليه وآله انه صلى بالسورة بعد الحمد وداوم عليها وبغيره من الأدلة المتقدمة والله العالم واستدل للقول بعدم الوجوب اي استحباب السورة بصحيحة علي بن رئاب عن أبي عبد الله عليه السلام قال سمعته يقول بان فاتحة الكتاب تجوز وحدها في الفريضة وصحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال إن فاتحة الكتاب تجوز وحدها في الفريضة وفيه ان مقتضى الجمع بينهما وبين صحيحة الحلبي المتقدمة الدالة على اختصاص الجواز بما أعجلت به حاجة أو تخوف شيئا انما هو تقييد اطلاق الخبرين بحملهما على صورة الاستعجال والضرورات العرفية كما ليس بالبعيد حيث إن الغالب ان المصلي لا يقتصر على الأقل عما تعود عليه بلا ضرورة مقتضية له واستدل له أيضا بالمستفيضة الدالة على جواز التبعيض بضميمة الاجماع المركب المدعى في كلام بعض على ما ذكره شيخنا المرتضى رحمه الله صحيحة سعد بن سعد الأشعري عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال سألته عن رجل قرء في ركعة الحمد ونصف سورة هل يجزء في الثانية ان لا يقرء الحمد ويقرء ما بقي من السورة قال يقرء الحمد ثم يقرأ ما بقي من السورة وصحيحة زرارة قال قلت لأبي جعفر عليه السلام رجل قرء سورة في ركعة فغلط يدع المكان الذي غلط فيه ويمضي في قرائته أو يدع تلك السورة ويتحول عنها إلى غيرها قال كل ذلك لا بأس به وان قرء آية واحدة فشاء ان يركع بها ركع وخبر أبان بن عثمان عمن اخبره عن أحدهما عليهما السلام قال سألته هل يقسم السورة في الركعتين فقال نعم اقسمها كيف شئت وخبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام انه سئل عن السورة أيصلي الرجل بها في ركعتين من الفريضة قال نعم إذا كانت ست آيات قرء بالنصف منها في الركعة الأولى والنصف الأخير في الركعة الثانية وصحيحة عمر بن يزيد قال قلت لأبي جعفر عليه السلام ايقرء الرجل السورة الواحدة في الركعتين من الفريضة فقال لا بأس إذا كانت أكثر من ثلاث آيات وهذه الرواية وان احتملت الحمل على تكرار السورة في الركعتين الا ان التقييد بأكثر من ثلاث آيات لا يظهر له وجه على هذا التقدير والله العالم وصحيحة علي بن يقطين قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن بعض السورة فقال اكره ذلك ولا بأس به في النافلة بناء على أن يكون المراد بالكراهة ما يقابل الحرمة ولكن إرادة هذا المعنى منها في الاخبار غير ظاهرة وصحيحة إسماعيل بن الفضل قال صلى بنا أبو عبد الله عليه السلام فقرء بفاتحة الكتاب واخر سورة المائدة فلما سلم التفت الينا فقال اما اني أردت ان أعلمكم وخبر سليمان بن أبي عبد الله قال صليت خلف أبي جعفر عليه السلام فقرء بفاتحة الكتاب ولبى من البقرة فجاء أبي فسئل فقال يا بني انما صنع ذا ليفقهكم ويعلمكم وفيه بعد تسليم الاجماع المركب والغض عما حكى عن ظاهر الإسكافي من القول بجواز التبعيض ان هذه الأخبار لا تصلح لمعارضة الأخبار المتقدمة الدالة بظاهرها ولو باعتضاد بعضها ببعض على وجوب قراءة سورة كاملة فان تلك الأخبار حتى مكاتبة يحيى التي هي أقواها دلالة على المدعى وان كانت قابلة للحمل على الاستحباب الا ان احتمال إرادة الاستحباب من تلك الأخبار ليس بأقوى من احتمال جرى الاخبار النافية للبأس عن ترك السورة أو تبعيضها مجرى التقية فان هذا الاحتمال وان كان في حد ذاته من الاحتمالات المرجوحة التي لا يعتني بها مهما أمكن الجمع بين الاخبار بارتكاب تقييد أو تخصيص أو تأويل في أحدها ولكن في خصوص المقام ونظائره الامر بالعكس حيث إن اتفاق كلمة أصحابنا عدى من شذ على وجوب قراءة سورة كاملة بعد الحمد وخلاف جمهور أهل الخلاف على ما نقل عنهم من اتفاقهم على استحباب السورة وجواز تبعيضها جعل احتمال التقية في هذه الأخبار أقوى من احتمال إرادة خلاف الظاهر في تلك فلا وجه حينئذ لرفع اليد عن اصالة الظهور الجارية في تلك الروايات بإجراء اصالة عدم التقية في هذه بل العكس أولى الا ان نقول بحكومة هذا الأصل على تلك وفيه تأمل هذا مع امكان ان يقال إن اعراض الأصحاب عن ظواهر الأخبار الدالة على جواز الترك أو التبعيض أسقطها عن درجة الاعتبار فضلا عن صلاحيتها للمعارضة بل قد يقال بان قوله عليه السلام في صحيحة
(٢٨٧)