باثباتها القاعدة نعم بعد ان علم بوجوب الاتيان بالبعض المتمكن منه بقاعدة ما لا يدرك وغيرها مما تقدمت الإشارة إليه يحكم بعدم سقوط ميسور هذا البعض كملحونة الغير الخارج عن مسماه عرفا بسقوط معسورة للقاعدة وكيف كان فلا شبهة في أصل الحكم اي وجوب الاتيان بالبعض الذي يتمكن منها مما يسمى في العرف بعضا من الفاتحة وانما الاشكال والخلاف في أنه هل يجتزي بهذا البعض من غير تعويض عن الجزء المجهول كما هو ظاهر المتن وغيره بل صريح بعض أم يجب عليه التعويض بقدره كما عن العلامة في بعض كتبه والشهيد في الدروس والمحقق الثاني وغيره بل عن بعض نسبته إلى المشهور بين المتأخرين واستدل للأول بأصالة البراءة واقتضاء الامر بالقدر المستطاع أو الممكن من الشئ في الخبرين المتقدمين كقاعدة الميسور لو سلمنا جريانها في المقام اجزائه وللقول الثاني بأصالة الاحتياط في العبادة وان كلما دل على البدلية عند تعذر جميع الفاتحة دل على اعتبارها عن كل جزء منها وبعموم فاقرؤا ما تيسر من القرآن وعموم قوله لا صلاة الا بفاتحة الكتاب خرج منه الصلاة المجردة عنها المشتملة على بدلها ولقوله في الخبر المروي عن علل الفضل المتقدم في صدر المبحث وانما امر الناس بالقراءة في الصلاة لئلا يكون القرآن مهجورا مضيعا إلى أن قال وانما بدء بالحمد دون غيرها من السور لأنه جمع فيه من جوامع الخير والكلام ما لم يجمع في غيرها فإنه بظاهره يدل على أن مهية القراءة مطلوبة في نفسها الحكمة عدم هجر القرآن وخصوصية الفاتحة لحكمة أخرى فقد الخصوصية لا يوجب سقوط المهية ولان النبي صلى الله عليه وآله امر الاعرابي في الخبر الآتي بالتحميد والتهليل والتكبير مع بعد ان يكون جاهلا بالتسمية بل وبضم كلمتي رب العالمين إلى التحميد الذي هو من اجزاء التسبيحات فيحصل له ثلاث آيات فلو لا وجوب التعويض ولو بالذكر لاستغنى بالآيات الثلاث عن الذكر وفي جميع هذه الأدلة نظر اما اصالة الاحتياط ففيه ان المرجع في مثل المقام هو البراءة لا قاعدة الاشتغال كما تقرر في محله واما ما دل على التعويض عند الجهل بقراءة القرآن فلا اشعار فيه باعتبارها بدلا عن كل جزء فضلا عن الدلالة واما عموم قوله تعالى فاقرؤا ما تيسر من القرآن ففيه بعد تسليم ارادته في الصلاة ان ليس المقصود به وجوب قراءة جميع ما تيسر منه بالضرورة وبعضه صادق على بعض الفاتحة واما عموم قوله عليه السلام لا صلاة الا بفاتحة الكتاب فهو في حق القادر على قرائتها لا مطلقا والا لزم سقوط الصلاة عمن لا يقدر عليها مع أنها لا تسقط بحال فيلزمه ان لا يكون الفاتحة معتبرة فيها الا مع القدرة على قرائتها فالالتزام بوجوب شئ اخر بدلا عنها يحتاج إلى دليل تعبدي والا فمقتضى الأصل عدم وجوب ذلك الشئ و براءة الذمة عنه واما خبر العلل فبعد تسليم سنده ودلالته والغض عن أن مثل هذه الأخبار مسوقة لبيان الحكم والمناسبات المقتضية لشرع الحكم من غير أن يقصد إناطة الحكم بها ان غاية مفادها مطلوبية مهية القراءة في نفسها لحكمة عدم هجر القرآن وهي تحقق في ضمن بعض الفاتحة فمن الجائز ان لا تكون مطلوبية مجموع الفاتحة الا لخصوصيتها الداعية إلى تخصيصها بالامر لا لكون كل جزء منها مما يقتضيه تلك الحكمة كي يجب الاتيان بعوضه عند تعذره فلا يفهم من الرواية أزيد من مطلوبية مسمى قراءة القرآن عند تعذر مجموع الفاتحة وهو يحصل بقراءة بعضها مما يتحقق به مسمى قراءة القرآن واما امر النبي صلى الله عليه وآله للاعرابي بالتحميد والتهليل والتكبير حيث قال فيما روى عنه صلى الله عليه وآله وإذا قمت إلى الصلاة فإذا كان معك قرآن فاقرء به والا فاحمد الله وهلله وكبره ففيه مع أنه بحسب الظاهر عامي لا ينبغي الركوع إليه ان ظاهره كون التحميد والتهليل والتكبير عوضا عن جميع القراءة الواجبة في الصلاة لا عن بعضها وحمله على إرادة الجمع بين الأذكار والآيات الثلاث المفروض تمكنه من قرائتها بمقتضى الاستبعاد المزبور الذي يبتني عليه الاستدلال تأويل لا يكاد يحتمل ارادته من هذه الرواية فالأولى في توجيه هذه الرواية بعد تسليم الاستبعاد المزبور الالتزام بعدم صدق قراءة القرآن عرفا على قراءة هذه الآيات لشيوع الاتيان بالتسمية والتحميد ولو مترتبا بإضافة رب العالمين لا بقصد قراءة القرآن وان كان الانصاف ان ذكر الرحمن الرحيم بعدهما يمحضها عرفا في القرآنية الا ان دعوى انصراف الامر بقراته بشئ من القرآن عنها غير بعيدة ومقتضاها الالتزام بوجوب الأذكار حينئذ بدلا عن مجموع القراءة الواجبة في الصلاة وعدم العبرة بمعرفة مثل هذه الآيات (التي ينصرف) عن قرائتها اطلاق الامر بقراءة القران وستعرف ان الالتزام به ليس بالبعيد وكيف كان فقد اتضح بما ذكرنا ان الأدلة المزبورة قاصرة عن اثبات وجوب التعويض عن المجهول فالقول بعدمه هو الأقوى وان كان الالتزام به فيما إذا كان ما يحسنه منها بمقدار آية أو آيتين مما يمكن ادعاء انصراف الامر بقراءة القران عن قرائته وحدها في غاية الاشكال فان ظاهر جملة من النصوص كالنبوي ورواية العلل المتقدمتين والصحيحة الآتية وغيرها كصريح الفتاوي انه يجب قراءة شئ من القران في الصلاة والمتبادر منها إرادة مقدار معتد به منه لا مثل قوله تعالى مالك يوم الدين ونحوه فضلا عن التسمية والتحميد من الآيات الغير الممحضة في القرانية لمعرفة آية أو آيتين من مثل هذه الآيات بحسب الظاهر لا تخرجه عن مصداق قوله عليه السلام في صحيحة ابن سنان لو أن رجلا دخل في الاسلام ولا يحسن ان يقرء القران اجزئه ان يكبر ويسبح فإنه لا يطلق على من قدر على النطق بالتسمية أو التحميد أو مثل مالك يوم الدين ونحوه انه يحسن ان يقرء القران بل هو عرفا ممن لا يحسنه فعليه التكبير والتسبيح بمقتضى ظاهر هذه الصحيحة لاغير ولكن قد يشكل ذلك بظهور اطلاق كلمات الأصحاب في فتاويهم ومعاقد اجماعاتهم المحكية في أنه يجب عليه الاتيان بما يحسنه من الفاتحة مطلقا ولو آية بل ولو بعضها إذا كان مختصا بها فان تحقق الاجماع عليه فهو والا فمقتضى ظاهر الصحيحة وكذا النبوي المتقدم بالتقريب الذي عرفته انفا حصول الاجزاء بالتكبير والتسبيح في مثل الفرض ولا يعارضه قاعدة ما لا يدرك ونحوها فان هذه القواعد العامة لا تصلح معارضة للنص الخاص مع أن جريان هذه القواعد بالنسبة إلى فاقد معظم الاجزاء محل نظر بل منع فليتأمل وكيف كان فالأحوط في مثل هذه الموارد بل مطلقا هو الجمع بين ما يحسنه من الفاتحة والتعويض بما يتحقق معه صدق قراءة القرآن عرفا لدى التمكن ومع العجز الذكر بل وجوبه فيما لو كان ما يحسنه منها مقدارا غير معتد به لا يخلو عن وجه ثم إن المشهور بين القائلين بوجوب التعويض انه يعتبر ان يكون بغيره من القران مع القدرة وحكى عن بعض القول يتعين تكرار ما يعلم من الفاتحة
(٢٧٩)