على الاخذ بقول السبعة انتهى ولقد بالغ شيخنا المرتضى رحمه الله في ابطال دعوى تواتر جميع الخصوصيات إلى أن قال قال الجزري في كتابه على ما حكى عنه كل قراءة وافقت العربية ولو بوجه ووافقت أحد المصاحف العثمانية ولو احتمالا وصح سندها فهي القراءة الصحيحة سواء كانت من السبعة أم غيرهم إلى أن قال هذا هو الصحيح عند أئمة التحقيق من السلف والخلف لا اعرف من أحد منهم خلافه وما عداها ضعيفة أو شاذة أو باطلة سواء كانت من السبعة أو غيرهم انتهى ثم صرح في اخر كلامه بان السند لا يجب ان يتواتر وان ما قيل من أن القرآن لا يثبت الا بالتواتر لا يخفى ما فيه وأنت خبير بان السند الصحيح بل المتواتر باعتقادهم من أضعف الاسناد عندنا لأنهم يعتمدون في السند على من لا نشك نحن في كذبه واما موافقة أحد المصاحف العثمانية فهي أيضا من الموهنات عندنا سيما مع تمسكهم على اعتبارها باجماع الصحابة عليها الذين جعل الله الرشد في خلافهم حيث إنه غير من القرآن ما شاء ولذا اعرضوا عن مصحف أمير المؤمنين عليه السلام لما عرضه عليهم فأخفاه لولده القائم عليهم السلام وعجل الله فرجه وطبخوا المصاحب الاخر لكتاب الوحي فلم يبق من الثلاثة المذكورة في كلام الجرزي التي هي المناط في صحة القراءة ما نشاركهم في الاعتماد عليه الا موافقة العربية التي لا تدل الا على عدم كون القراءة باطلة لا كونها مأثورة عن النبي صلى الله عليه وآله مع أن حكاية طبخ عثمان ما عدى مصحفه من مصاحف كتاب الوحي وأمره كما في شرح الشاطبية كتاب المصحف عند اختلافهم في بعض الموارد بترجيح لغة قريش معللا بأن أغلب القرآن نزل عليها الدال على أن كتابة القرآن وتعين قرائتها وقعت أحيانا بالحدس الظني بحكم الغلبة وجه مستقل لعدم التواتر انتهى كلام شيخنا المرتضى رحمه الله هذا كله مع أن دعوى التواتر انما تجدي لمدعيها دون من لم يتحقق ذلك عنده والتعويل على قول ناقليه ما لم يحصل القطع من أقوالهم به رجوع عن اعتبار التواتر في القراءة والذي يقتضيه التحقيق هو ان القرآن اسم للكلام الخاص الشخصي الغير القابل للتعدد والاختلاف بمعنى ان صورته الشخصية مأخوذة في قوام مفهوم المسمى بشهادة التبادر إذا المتبادر من القرآن أو فاتحة الكتاب مثلا هو خصوص ذلك الكلام المنزل على النبي صلى الله عليه وآله بخصوصه والمنساق إلى الذهن من الامر بقرائته هو وجوب التلفظ بتلك المهية المشخصة بخصوصها على النهج المتعارف في المحاورات فلا ينافيه الاختلافات الناشئة من آداب المحاورة كاسكان أواخر كلماته لدى الوقف وتحريكها مع الوصل واخفاء بعض حروفه أو ابداله أو ادغامه أو مده أو غير ذلك من الاختلافات الناشئة من كيفية قراءة ذلك الكلام الشخصي مما لا ينافي صدق حكايته بعينه عرفا بخلاف الاختلافات العائدة إلى كيفية المقرر فإنها مانعة عن صدق اسم حكاية ذلك الكلام بعينه كما لو كان ذلك الكلام بخصوصياته اي باعرابه مكتوبا في لوح مأمور بقرائته فان حاله بعد فرض تعلق التكليف بحكاية ألفاظه بعينها حال ذلك المكتوب في كون الاخلال بإعرابه مخلا بصحة قرائته نعم لو تعذر عليه معرفة الخصوصيات اتى بذلك الكلام الشخصي في مقام امتثال التكليف بصورته النوعية اي بحسب ما يقتضيه القواعد العربية كما هو الشان في الكلام المكتوب أيضا بعد فرض عجزه وضعف بصره عن تمييز اعرابه فان هذا أيضا مرتبة ناقصة من حكاية ذلك الكلام يفي بإثباتها قاعدة الميسور مع امكان ان يدعى ان المتبادر عرفا من الامر بقراءة القرآن ونحوه انما هو حكاية ألفاظه بعينها على حسب الامكان وهذا مما يختلف في الصدق لدى العرف بالنسبة إلى العارف بالخصوصيات وغير العارف كما أنه يختلف بالنسبة إلى المتكلم الفصيح وغير الفصيح والأخرس وغير الأخرس ولكن هذا إذا تعلق الجهل بكثير من الخصوصيات بحيث لا يمكنه الاحتياط وتحصيل الجزم بالموافقة واما إذا أمكنه ذلك بان انحصر في مورد أو موردين بحيث لم يلزم من تكرير الكلمة أو الكلام المشتمل عليها إلى أن يحصل له الجزم بالموافقة حرج أو فواة موالاة معتبرة في نظم الكلام فمقتضى القاعدة وجوب الاحتياط كما حكى عن جار الله الزمخشري التصريح به بعد انكاره تواتر القراءات السبع حيث قال على ما حكى عنه ان القراءة الصحيحة التي قرأ بها رسول الله صلى الله عليه وآله انما هي في صفتها وانما هي صفة واحدة والمصلي لا تبرء ذمته من الصلاة الا إذا قرأ بما وقع الاختلاف على كل الوجوه كمالك وملك وصراط وسراط وغير ذلك ذلك انتهى هذا كله مع الغض عن الاجماع والنصوص الدالة على جواز كل من القراءات السبع أو العشر أو غيرها من القراءات المعروفة فيما بين الناس في اعصار الأئمة عليهم السلام والا فلا شبهة في كفاية كل من القراءات السبع لاستفاضة نقل الاجماع عليه بل تواتره مضافا إلى شهادة جملة من الاخبار بذلك كخبر سالم بن أبي سلمة قال قرء رجل على أبي عبد الله عليه السلام وانا استمع حروفا من القرآن ليس على ما يقرئها للناس فقال أبو عبد الله عليه السلام كف عن هذه القراءة اقرأ كما يقرأ الناس حتى يقوم القائم عليه السلام فإذا قام القائم قرء كتاب الله على حده واخرج المصحف الذي كتبه علي عليه السلام ومرسلة محمد بن سليمان عن أبي الحسن عليه السلام قال قلت له جعلت فداك انا نسمع الآيات من القرآن ليس هي عندنا كما نسمعها ولا نحسن ان نقرأها كما بلغنا عنكم فهل نأثم فقال لا اقرأوا كما تعلمتم فسيجيئكم من يعلمكم وخبر سفيان بن السمط قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن ترتيل القرآن فقال اقرأوا كما علمتم وعن امين الاسلام الطبرسي في مجمع البيان نقلا عن الشيخ الطوسي قال روى عنهم عليهم السلام جواز القراءة بما اختلف القراء فيه وربما يظهر من بعض الأخبار ترجيح بعض القراءات على بعض مثل ما رواه في الوسائل عن الكليني باسناده عن داود بن فرقد والمعلى بن خنيس قالا كنا عند أبي عبد الله عليه السلام فقال إن كان ابن مسعود لا يقرأ على قرائتنا فهو ضال ثم قال اما نحن فنقرأه على قراءة أبي عن كتاب الوافي أنه قال ويستفاد من هذا الحديث ان القراءة الصحيحة هي قراءة أبي وانها الموافقة لمذهب أهل البيت عليهم السلام الا انها غير مضبوطة عندنا إذ لم يصل الينا قرائته في جميع ألفاظ القرآن انتهى وفي الصافي رواه عن عبد الله بن فرقد والمعلى بن خنيس قالا كنا عند أبي عبد الله عليه السلام ومعنا ربيعة الرأي فذكر القرآن فقال أبو عبد الله عليه السلام ان كان ابن مسعود لا يقرء على قرائتنا الحديث ثم قال ولعل اخر الحديث ورد على المسامحة مع ربيعة مراعاة لحرمة الصحابة وتداركا لما قاله في ابن مسعود وذلك لأنهم لم يكونوا يتبعون أحدا سوى ابائهم لأن معظمهم من الله وفي هذا الحديث اشعار بان قراءة أبي كانت موافقة لقرائتهم أو كانت أوفق لها من قراءة
(٢٧٥)