رفع اليدين بالتكبير الا في الافتتاح لصلاة إلى أن قال والحجة فيما ذهبنا إليه طريقة الاجماع وبرائة الذمة انتهى وقد تعجب غير واحد من دعواه الاجماع على ما ذهب إليه مع أنه لم ينقل القول به من أحد منهم عدى الإسكافي في خصوص تكبيرة الاحرام وربما جعل بعض دعواه الاجماع شاهدة على أن مراده بالوجوب تأكد الاستحباب وحكى عن بعض متأخري المتأخرين الميل إلى ما ذهب إليه السيد من القول بوجوبه في جميع التكبيرات اخذا بظاهر الامر الوارد في بعض الأخبار المتقدمة وفيه بعد الغض عن جملة من القرائن الداخلية والخارجية المرشدة إلى إرادة الاستحباب كالعلل المذكورة في الروايات المناسبة للاستحباب وكونه مما أوصى به النبي صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام مع معروفية الاستحباب بين الأصحاب قديما وحديثا وبعد إرادة الوجوب الشرعي عند كل تكبيرة مع عدم وجوب أصل التكبير اي مخالفته لظاهر الامر الوارد في مثل هذه الموارد ولذا لم يحتمله أحد في نظائر المقام مما ورد الامر بفعل عند الاتيان بمستحب كالقيام أو الطهارة أو استقبال القبلة حال الأذان والإقامة ونظائرها وعدم أولوية حمله على الوجوب الشرطي من الحمل على الاستحباب خصوصا في مثل المقام الذي يظهر من الأخبار الواردة فيه ان المصلحة المقتضية لطلبه انما هي في نفس الرفع الواقع حال التكبير لا في التكبير الواقعي حاله انه وان ورد الامر برفع اليدين عند تكبيرة الافتتاح أو في الصلاة على سبيل الاجمال في جملة من الروايات ولكنه لم يرد في خبر الامر به عند كل تكبيرة على وجه يمكن دعوى ظهوره في الوجوب الا في خبر الأصبغ وهو أيضا وان وقع فيه التعبير بلفظ الامر ولكن التعليلين الواقعين فيه يجعلانه ظاهرا في الاستحباب كما لا يخفى فهذه الرواية بعد تسليم سندها بنفسها صالحة لصرف سائر الروايات التي ورد فيها الامر برفع اليد عند تكبيرة الافتتاح أو في الصلاة على سبيل الاجمال نعم لو قال قائل بوجوبه عند تكبيرة الافتتاح بالخصوص كما حكى القول به عن الإسكافي جمودا على ظاهر الامر الوارد في غير واحد من الأخبار المتقدمة لم يكن بعيد لامكان منع صلاحية القرائن الداخلية والخارجية التي تقدمت الإشارة إليها لصرف الأخبار الخاصة عن ظاهرها ولكن يضعفه معارضتها بصحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال على الإمام ان يرفع يده في الصلاة ليس على غيره ان يرفع يده في الصلاة فإنه نص في عدم وجوب رفع اليد في الصلاة على من عدى الإمام وظاهره ارادته حال التكبير الذي من شانه ان يرفع فيه اليد واظهر مصاديقه حال تكبيرة الافتتاح وما احتمله في الحدائق من ارادته حال القنوت مع بعده في حد ذاته يدفعه ما في الوسائل من رواية الحديث عن قرب الإسناد عن عبد الله بن الحسن عن جده علي بن جعفر أنه قال في اخره ان يرفع يديه في التكبير وكيف كان فظهور الامر الوارد في تلك الأخبار في الوجوب ليس بأقوى من ظهور هذه الصحيحة في إرادة الرفع حال تكبيرة الافتتاح التي يكون الرفع حالها معروفا لدى الخاصة والعامة بحيث يكون أول ما يتبادر إلى الذهن من اطلاق الامر به أو الرخصة في تركه بل الامر بالعكس ولا يمكن الجمع بينها بتخصيص تلك الأخبار بالإمام جمعا بينها وبين هذه الصحيحة لاستلزامه تخصيص الأكثر المستهجن مع أنه لا قائل بهذا التفصيل ولذا حمل التفصيل الوارد في الصحيحة على تأكد الاستحباب قال الشيخ في محكى التهذيب بعد ان أورد الصحيحة المزبورة المعنى في هذا الخبر ان فعل الإمام أكثر فضلا وأشد تأكيدا من فعل المأموم وان كان فعل المأموم أيضا فيه فضل وليكن الرفع ليديه إلى حذاء اذنيه في الجواهر قال في شرح العبارة اي شحمتيهما لأنهما أول الغاية كما هو معقد المحكى من اجماع الخلاف وعبارة كثير من الأصحاب بل هو نص المحكى من عبارة فقه الرضا عليه السلام والمنسوب إلى رواية في المحكى عن المعتبر وغيره بل لعله المستفاد من النهي في النصوص المعتبرة عن مجاوزة الاذنين انتهى أقول إرادة الرفع إلى أول الغاية من اطلاق الامر برفع اليد إلى حذاء الاذن أو الوجه ونحوهما لا يخلو عن بعد فان المتبادر من الامر يرفع اليد إلى حذاء الوجه أو الحذاء والاذن إرادة المحاذاة بينهما لا بين رؤس الأصابع وأول جزء من الوجه ونحوه ولا ينهض لاثبات إرادة هذا المعنى شئ من المذكورات ولعله قدس سره أيضا لم يقصد بها الا الاستدلال لأصل المدعى لا لهذا التفسير والا فمعقد اجماع الخلاف كالرواية المحكية عن المعتبر على ما حكى نقله في بعض الكتب انما هو كعبارة المتن واما النهي عن مجاوزة الاذنين الوارد في النصوص ان لم يكن المتبادر منه مجاوزة معظم الكف عن مجموع الاذنين فلا أقل من مجاوزة شئ منها ولو رؤس الأصابع عن الاذن التي هي اسم لمجموع العضو لا لخصوص شحمتها واما عبارة فقه الرضا على ما حكاه في الحدائق فهي أيضا كعبارة المتن ظاهرة في إرادة محاذاة مجموع العضو بل ربما يظهر منها ان المراد بالمحاذاة المأمور بها مالا ينافيه تجاوز بعض اليد ولو من أصول الأصابع ما عدى الابهام فان ما في كتاب الفقه الرضوي على ما حكاه في الحدائق صورته هكذا فإذا افتتحت الصلاة فكبر وارفع يديك بحذاء اذنيك ولا تجاوز بابهاميك حذاء اذنيك ولا ترفع يديك بالدعاء في المكتوبة حتى تجاوز بهما رأسك ولا بأس بذلك في النافلة والوتر فالأولى ابقاء المتن على ظاهره والاستشهاد له بالرضوي والرواية المحكية عن المعتبر من باب المسامحة والا فليس في شئ من الأخبار المعتبرة ما يدل على استحباب الرفع إلى هذا الحد نعم ورد في جملة منها النهي عن التجاوز عنه فهذا الحد غاية للرفع المستحب بشهادة جملة من الاخبار الآتية واما استحباب انهائه إلى هذا الحد فلم يثبت لولا البناء على المسامحة واما الاخبار المتضمنة لبيان حد الرفع فقد تقدم جملة منها كصحيحة معاوية بن عمار وفيها رفع يديه أسفل من وجهه قليلا وفي صحيحته الثانية رفع يديه حتى كاد يبلغ اذنيه وفي صحيحة زرارة فارفع يديك ولا تجاوز بكفيك اذنيك اي حيال خديك وفي صحيحته الثانية ترفع يديك في افتتاح الصلاة قبالة وجهك ولا ترفعهما كل ذلك وفي صحيحة صفوان رفع يديه حتى كاد تبلغ اذنيه وفي صحيحة ابن سنان هو رفع يديك حذاء وجهك وفي خبر الاحتجاج هو رفع يديك حذاء وجهك وفي خبر جميل استقبل بيديه حذاء وجهه وفي المرسل المروي عن علي عليه السلام ارفع يديك إلى النحر في الصلاة وفي صحيحة حماد الواردة في تعليم الصادق عليه السلام ورفع يديه حيال وجهه وفي خبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام فإذا افتتحت الصلاة فكبرت فلا تجاوز اذنيك ولا ترفع يديك
(٢٥٢)