بالدعاء في المكتوبة تجاوز بها رأسك وعن منصور بن حازم قال رأيت أبا عبد الله عليه السلام افتتح الصلاة فرفع يديه حيال وجهه واستقبل القبلة ببطن كفيه وفي الصحيح عن ابن سنان قال رأيت أبا عبد الله عليه السلام رفع يديه حيال وجهه حين استفتح وهذه الأخبار كما تريها قد وقع في أغلبها التحديد بحيال الوجه ولا ينافيه الخبران الحاكيان لفعله عليه السلام من أنه رفع يديه حتى كاد يبلغ اذنيه لأن هذا يتحقق برفع اليدين إلى حيال الوجه ويحتمل قويا كون التحديد تقريبا قصد به بيان استحباب الرفع إليه تقريبا لا على سبيل التحقيق فلا ينافيه فعله عليه السلام فيما حكاه عنه معاوية بن عمار في صحيحته الأولى من أنه رفع يديه أسفل من وجهه قليلا كما أنه لا ينافيه أيضا الامر يرفعهما إلى النحر في المرسل المروى عن علي عليه السلام نعم لو أريد بكونهما أسفل من وجهه أسفلية جميعهما عن جميع الوجه لكان الاختلاف بينهما بينا فإنهما حينئذ تكونان حيال المنكبين فيتجه على على هذا التقدير ما حكى عن ابن أبي عقيل من أنه قال يرفعهما حذو منكبيه أو حيال خديه ولا يجاوز بهما اذنيه ولكن إرادة هذا المعنى من الصحيحة لا يخلو عن بعد إذ لا يعبر في العرف عن هذا المعنى بذلك التعبير ولكن مع ذلك لا يبعد الالتزام باستحباب الرفع إلى حذاء المنكبين أيضا من باب المسامحة لنسبة إلى رواية فيما حكاه في الحدائق عن الفاضلين في المعتبر والمنتهى من أنهما قالا في بحث الركوع في تكبير الركوع يرفع يديه حذاء وجهه وفي رواية إلى اذنيه وبها قال الشيخ وقال الشافعي إلى منكبيه وبه رواية عن أهل البيت عليهم السلام انتهى ولولا أنهم جعلوا الرفع إلى حذاء اذنيه قسيما للرفع إلى حيال الوجه لكنا نحتمل قويا ان يكون مقصودهم بالرفع إلى حذاء اذنيه محاذاتهما من ناحية الوجه لا المحاذاة من جانبيهما كما ينطبق عليه الأخبار المعتبرة وكيف كان فالذي يظهر من الأخبار المعتبرة انما هو استحباب رفع اليدين إلى حيال الوجه أو أسفل منه قليلا حتى ينتهى إلى الاذنين واما أزيد من ذلك فقد ورد النهي عنه في غير واحد من الأخبار المتقدمة وهل هو مكروه أو حرام وجهان بل قولان أوجههما الأول إذ لا ينسبق إلى الذهن من النهي الوارد في مثل هذه الموارد الحرمة الشرعية بل المتبادر منه اما الكراهة أو المنع الغيري الناشي من مانعية المنهى عنه عن الصحة أو الكمال كما أن المتبادر من الامر في مثل هذه الموارد اما الاستحباب أو الوجوب الشرطي لا الشرعي لعدم المناسبة كما تقدمت الإشارة إليه انفا وحمله على الكراهة النفسية أو الغيرية الناشئة من مانعية عن الكمال لا الصحة أوفق بظواهر اطلاقات الامر برفع اليدين وانسب بقاعدة الاجزاء فهو الأشبه كما أن الأشبه حمل التحديد الواقع في الاخبار من كون الرفع إلى حيال الوجه أو أسفل منه قليلا على الاستحباب والأفضلية جمعا بينهما وبين الاخبار التي ورد فيها الامر بالرفع مطلقا لما عرفت مرارا من أنه لا مقتضى لحمل المطلق على المقيد في المستحبات إذ الداعي للحمل كون المقيد بظاهره بيانا لما أريد من الاطلاق بعد فرض وحده التكليف كما هو شرط الحمل وهذا انما هو فيما إذا كان التكليف الزاميا كما لو ورد مثلا انه يجب على من افطر عتق رقبه وورد أيضا من أفطرت فأعتق رقبة مؤمنة فإنه متى تعين الاتيان بالمقيد في مقالم الخروج عن عهدة هذا التكليف أعني كفارة الافطار كما هو مقتضى ظاهر الامر بالمقيد امتنع الاجتزاء باي فرد يكون باي فرد من افراد المطلق كما يقتضيه اصالة الاطلاق في المطلق فيكشف ذلك عن أن مراده بالمطلق لم يكن الا بيان أصل الحكم على سبيل الاهمال وقد تبين تمام مراده بذكر المقيد فيكون المقيد قرينة كاشفة عما أريد من المطلق واحتمال كون الامر المتعلق بالمقيد ندبيا بلحاظ كونه أفضل الافراد أو وجوبا تخييريا فلا ينافي اصالة الاطلاق غيره معتنا به لمخالفته لظاهر المقيد ولا يصح ارتكاب التأويل في المقيد بواسطة اصالة الاطلاق حيث إن ظهور المطلق في الاطلاق موقوف على عدم بيان إرادة المقيد حتى يتمشى فيه دليل الحكمة القاضي بحمل المطلق على الاطلاق والمقيد بظاهره بيان لما أريد من المطلق فيكون ظهور المقيد في الوجوب التعييني حاكما على ظهور المطلق في الاطلاق هذا إذا كان التكليف الزاميا واما إذا كان ندبيا فالطلب المتعلق بالمقيد لا يقتضي بظاهره الا كون هذا الفرد بالخصوص مستحبا و هو لا ينافي إرادة الاطلاق من المطلق لجواز ان يكون للطبيعة بلحاظ تحققها في ضمن اي فرد يكون حرمة من المحبوبية مقتضيه للامر بها امرا ندبيا أو الزاميا وأن يكون لبعض مصاديقها مزية مقتضية للامر بايجاده في مقام الخروج عن عهدة ذلك التكليف امرا ندبيا فيكون هذا الفرد أفضل الافراد فلا يستكشف من الامر الندبي المتعلق بالمقيد ان مراد الامر بأمره المطلق هو هذا المقيد بالخصوص فلا يصلح ان يكون هذا الامر الندبي بيانا لما أريد من الاطلاق كي يكون ظهوره حاكما على اصالة الاطلاق كما لا يخفى على المتأمل وهيهنا فوائد ينبغي التنبيه عليها الأولى قد ورد في رواية أبي بصير وعبارة الرضوي المتقدمتين النهي أيضا عن رفع اليدين بالدعاء في المكتوبة حتى يجاوز بهما الرأس ولعل هذا هو المراد بالخبر الذي رواية ابن أبي عقيل على ما في محكى الذكرى من أنه قال جاء عن أمير المؤمنين عليه السلام ان النبي صلى الله عليه وآله مر برجل يصلي وقد رفع يديه فوق رأسه فقال مالي أرى أقواما يرفعون أيديهم فوق رؤسهم كأنها أذان خيل شمس وعن المعتبر والمنتهى أيضا روايته عن علي عليه السلام قال المجلسي في محكى البحار روى المخالفون هذه الرواية في كتبهم فبعضهم روى أذان خيل قال في النهاية مالي أراكم رافعي أيديكم في الصلاة كأنها أذان خيل شمس هي جمع شموس وهي النفور من الدواب الذي لا يستقر لمنعته وحدته انتهى والعامة حملوها على رفع الأيدي في التكبير لعدم قولهم بشرعية القنوت في أكثر الصلوات وبعهم الأصحاب فاستدلوا بها على كراهة تجاوز اليد عن الرأس في التكبير ولعل الرفع للقنوت منها اظهر ويحتلم التعميم أيضا والأحوط الترك فيهما معا انتهى كلام المجلسي أقول ما استظهره من إرادة حال القنوت في محله حيث إن سوق التعبير يقضي بإرادة رفع له نوع استمرار كما في المشبه به لا الرفع الحاصل حال التكبير الذي لا استقرار له ولكن ما ذكره من أن الأحوط الترك فيهما كان وجيها لو كان مستند الترك فيهما منحصرا في احتمال إرادة التعميم من هذه المرسلة وقد عرفت وقوع التصريح بالمنع عن الرفع بهما حتى يجاوز بهما الاذنين في التكبير فضلا عن الرأس في الأخبار المعتبرة وعن الرفع بهما بالدعاء التأمل لحال القنوت وغيره حتى يجاوز بهما الرأس في خبر أبي بصير والرضوي المتقدمين ولكن في المكتوبة لا مطلقا فهو الأقوى سواء قلنا بدلالة هذه الرواية عليه أم لا ولكن المتبادر من مثل هذه النواهي الكراهة لا الحرمة الشرعية
(٢٥٣)