في المكان دون اللباس قال اقتصارا فيما خالف الأصل وهو التصرف في مال الغير بغير اذنه على محل الوفاق انتهى فكأنه أراد بشاهد الحال الامارات المورثة للظن بالرضا والا فلا شبهة في جواز الاعتماد على الامارات المفيدة للقطع مطلقا ضرورة ان العلم في حد ذاته واجب الاتباع من اي سبب حصل فليس الاعتماد عليه مخالفا للأصل كي يقتصر على محل الوفاق فكلامه كالصريح في إرادة الاكتفاء بالأمارات الظنية في المكان دون غيره وربما يفصل في الأمارات الظنية بين ما جرت العادة بالتعويل عليها اي ما كان له ظهور عرفي بحسب وضعه كالمضائف ونحوها مما كان بمقتضى وضعه النوعي دالا على الرضا ببعض التصرفات التي يتعارف وقوعها فيها من الجلوس والنوم والصلاة وأشباهها وبين غيرها مما لم يكن له دلالة وضعية فيعول على القسم الأول وان لم يكن بالفعل مفيدا للظن أيضا لكونها كظواهر الألفاظ حجة بشهادة العرف دون القسم الثاني اللهم الا ان يدل عليه دليل بالخصوص كما قد يدعى ذلك بالنسبة إلى الأراضي المتسعة كما ستعرفه وهذا لا يخلو عن قوة كما لا يخفى ذلك على من تأمل في وجهه وربما ذهب بعض إلى كفاية الظن بالرضا في جواز التصرف في ملك الغير مطلقا وقد قواه في المستند وزعم أنه هو الموافق للأصل وان ما دل على حرمة التصرف في مال الغير من دون رضاه لا يدل الا على حرمته مع العلم بعدم الرضا أو مع احتمال الرضا لا مع الظن به بل ادعى في ذيل عبارته ان الأدلة قاصرة عن شمول مثل الصلاة ونحوها لولا الاجماع عليه في بعض صوره مع أنه صرح في صدر كلامه بما يناقض ذلك والأولى نقل جملة من عبائره وبيان ما فيها كي يتضح حقيقة الحال ويتميز صحيحها عن سقيمها قال يشترط في مكان المصلي الإباحة بان يكون مباح الأصل أو مملوكا له عينا أو منفعة أو مأذونا فيه خصوصا أو عموما ولو بالفحوى أو شاهد الحال فيحرم الصلاة في ملك الغير بغير اذنه بأحد الطرق الثلاثة بالاجماع المقطوع به لأنها تصرف وهو في ملك الغير بغير اذنه غير جائز باتفاق جميع الأديان والملل ويدل عليه عموم الروايتين المتقدمتين في مسألة اللباس الغصبي أقول كونه اتفاقيا جميع الأديان والملل يكشف عن كونه من المستقلات العقلية التي يلتزم به كافة العقلاء بل هو في حد ذاته من ضروريات العقل وكونه كذلك لعله هو الذي دعاه إلى ادعاء اتفاق جميع أرباب الملل والا فلا طريق بحسب الظاهر لاستكشاف آراء الجميع بغير هذا الوجه ومراده بالروايتين المتقدمتين الخبر المروي عن صاحب الزمان عجل الله فرجه أنه قال لا يحل لاحد ان يتصرف في مال غيره بغير اذنه ورواية محمد بن زيد الطبري لا يحل مال الا من وجه أحله الله ثم قال بعد أسطر واما ما توهمه بعض من قاربنا عصره من عدم توقف هذا النوع من التصرفات على الاذن من المالك لثبوت الاذن من الشارع للاجماع عليه حيث انا نرى المسلمين في الأعصار والأمصار بل الأئمة وأصحابهم يصلون ويمرون في صحاري الغير وبساتينهم وجماعاتهم وحماماتهم وخاناتهم وفي املاك من لا يتصور في حقه الاذن كالصغير و المجنون وفي املاك من يكون الظاهر في اذنهم لمخالفتهم في العقايد ففيه انه يمكن ان يكون هذه التصرفات منهم للعلم بالرضا أو الظن بشاهد حال أو نحوه ولم يثبت عندنا تصرفهم في الزايد على ما ظن فيه ذلك بحيث يبلغ حد الاجماع بل الاشتهار كما لا يخفى واما نحو املاك الصغير والمجنون فهما وان لم يصلحا للاذن الا انه لا يخلو أحدهما عن ولي ولو كان الولي العام واذنه قائم مقام اذنه قطعا فالعلم به أو الظن كاف في الجواز إلى أن قال وهل يكفي في شاهد الحال بل مطلق الاذن المزيل للتحريم الموجب لصحة الصلاة حصول الظن بالرضا أم يتوقف على العلم به الأظهر الأشهر كما صرح به في الحدائق الأول لأصالة جواز التصرف في كل شئ السالمة عما يصلح للمعارضة إذ ليس الا الاجماع المنتفي في المقام قطعا واستصحاب حرمة التصرف المعارض باستصحاب جوازه لو كانت الحالة السابقة العلم بالرضا والمردود بان المعلوم ليس الا حرمة التصرف ما دام عدم الظن بالرضا دون الزايد والروايتان المتقدمتان في مسألة اللباس المردودتان بالضعف الخالي عن الجابر في المقام مع ضعف دلالة ثانيتهما لعدم العلم بمتعلق في لحلية بأنه هل يعم جميع التصرفات حتى غير المتلفة أيضا أم لا وجعل المال في المقام هو الانتفاع في المكان بالاستقرار بقدر الصلاة فيتلف بالصلاة مردود بعدم معلوميته صدق المال عرفا على هذا القدر من الانتفاع ومنه يظهر ما في رواية تحف العقول يعني ما رواها عنه في صدر المسألة من قوله عليه السلام انظر فيما يصلي وعلى ما يصلي فإن لم يكن على وجهه وحله فلا قبول وضعف الاستدلال بقوله عليه السلام لا يحل مال امرء مسلم الا بطيب نفسه إلى أن قال بل لولا خروج صورة احتمال الرضا بالاجماع ولا أقل من الشهرة الجابرة لأولى الروايتين الناهية عن التصرف بغير الاذن المستدعى لحصول الاذن الواقعي الغير المعلوم في صورة العلم بالاذن لقلنا بالجواز فيها أيضا ولكنها بما ذكر خارجه إلى أن قال في ذيل كلامه في مقام الاستدلال لجواز الصلاة في الوقف من غير توقفه على اذن المتولي أو الواقف أو الموقوف عليهم ان الأصل جواز هذا النوع من التصرف لكل أحد في كل مال وعدم تأثير منع المالك فيه إذ لا يمنع العقل من جواز الاستناد أو وضع اليد أو الرجل في ملك الغير بدون اذنه إذا لم يتضرر به بل ولو مع منعه كما في الاستظلال بظل جداره والاستضائة بضوء سراجه وانما المانع الدليل الشرعي وليس الا الاخبار والاجماع اما الاخبار فمع عدم صراحتها بل ولا ظهورها في أمثال هذه التصرفات وعدم معلومية شمولها للموقوفات ولا للموقوف عليهم ضعيفة ولا تصلح للحجية في غير مورده الانجبار والاشتهار وهو غير صورة العلم بعدم اذن المالك في المملوك الطلق ومع احتمال في لاذن غير معلوم واما الاجماع فظاهر كيف ويدعى بعضهم الاجماع على جواز هذه التصرفات وانها كالاستظلال بظل الحائط ما لم يتضرر المالك مطلقا انتهى وفي كلماته مواقع للنظر لا يهمنا الإطالة في ايضاحها بعد شهادة جميع الملل الذين ادعى اتفاقهم على عدم جواز التصرف في ملك الغير بغير اذنه بان اعتبار العلم بالاذن أو الظن في إباحة التصرف على جهة الطريقية وان رضاء المالك بنفسه هو السبب لحل التصرف والعلم به أو الظن المعتبر كاشف عن تحققه كما في ساير الأسباب المبيحة أو المملكة لان العلم بعدم الاذن أو الظن به من حيث هو سبب للحرمة كي يكون عدمه مناطا للحل كما زعمه قده وصرح به في طي بعض كلماته التي طوينا ذكرها ويشهد لذلك مضافا إلى ذلك النصوص والفتاوي المعتضدة بصريح العقل وقاعدة سلطنة الناس على أموالهم القاضية بحرمة الاستيلاء على ملك الغير من غير رضائه والخدشة في دلالة ما دل على أنه لا يحل مال امرء مسلم الا عن طيب نفسه لقصوره عن إفادة اعتبار الطيب بالنسبة إلى التصرفات الغير المتلفة مما لا ينبغي الالتفات إليها بعد اعتضاده بما عرفت وظهوره عرفا في إرادة المنع
(١٧١)