على غير القبلة فنزلت هذه الآية فالانصاف ان هذا الاحتمال وان كان قويا كاحتمال اتحاد الصحيح السابق مع الصحيحة الأخرى التي تقدمت الإشارة إليها الا ان الاعتماد بمثل هذه الاحتمالات في رفع اليد عن الاخبار مشكل هذا مع أن مرسل ابن أبي عمير الذي هو عند الأصحاب كالصحيح غني وكفاية لولا وهنها بمخالفة المشهور ومعارضتها بمرسلة خراش وغيرها المنجبر ضعفها بما عرفت فالأولى رد علم مرسلة ابن أبي عمير ونظائرها بعد اعراض المشهور عن ظاهرها ومخالفتها للأصول والقواعد خصوصا مع معارضتها بما سمعت إلى أهله ويحتمل قويا جريها مجرى الغالب من اشتباه القبلة في سمت واحد كما هو مورد الصحيحة الثالثة الدالة على أن ما بين المشرق والمغرب قبلة ولكن لا يخفى عليك ان مقتضى ما في هذه الصحيحة من تحديد القبلة بما بين المشرق والمغرب كصحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال لا صلاة الا ان القبلة قال قلت أين حد القبلة قال ما بين المشرق والمغرب قبلة كله حصول الفراغ اليقيني عن الصلاة إلى القبلة بثلاث صلوات إلى ثلاث جهات متباعدة على وجه قطع بوقوع بعضها فيما بين المشرق والمغرب الذي هو قبلة لمن لم يتمكن من تخصيص جهتها من أقل من ذلك بشهادة الصحيحتين المتقدمتين المحمولتين صرفا أو انصرافا على ذلك كما تقدمت الإشارة إليه عند التكلم في تفسير الجهة فهذا اي الاكتفاء بثلاث صلوات أحد المحتملات في المسألة بل ربما يظهر من بعض الميل أو القول بذلك نظرا إلى ما عرفت وهو لا يخلو من قوة وان كان الأحوط بل الأقوى اعتبار الأربع فان رفع اليد عن النص الخاص اي خبر خراش المعتضد بالشهرة والاجماعات المنقولة بواسطة اطلاق الصحيحتين اللتين لم يقصد بهما الا بيان الجهة التي يجتزي باستقبالها في الجملة من باب التوسعة والتسهيل لا القبلة الواقعية التي يجب استقبالها من حيث هي مشكل لامكان ان يكون حجمه اكتفاء الشارع بصلاة واحدة إلى مطلق السمت الواقع فيه الكعبة اي ما بين المشرق والمغرب لكون التوجه إلى ذلك السمت عند تميزه مفصلا توجها إلى الكعبة بنحو من الاعتبار العرفي بخلاف ما لو اشتبه عليه الجهات فان التوجه إلى سمتها الذي هو بمنزلة التوجه إليها لدى الضرورة لا يتحقق بنظر العرف الا بالتوجه إلى الجهات الأربع وعن ابن طاوس الاجتزاء بالقرعة وفيه ان مورد استعمال القرعة انما هو الموضوعات الخارجية التي لا يمكن معرفة حكمها باستعمال شئ من الأصول والقواعد المقررة في الشريعة التي منها قاعدة الاشتغال عند الشك في المكلف به والبراءة لدى الشك في المكلف وسره ان الشارع جعل القرعة لكل امر مشكل اي ملتبس امره في مرحلة الظاهر بحث يتحير فيه المكلف في مقام عمله لا مطلق ما كان مشتبها في الواقع والا فجعل الموضوعات الخارجية والأحكام الشرعية كذلك فيلزمه تخصيص الأكثر المستهجن فهي لا تجري في مثل المقام خصوصا بعد ورود نص خاص فيه وهل يشترط في الصلاة إلى الجهات الأربع تقابل الجهات وانقسامها إلى خط مستقيم بحيث يحدث منها زوايا قوائم أم لا يشترط الا تباعد بعضها عن بعض بحيث لا يكون بين الجهة الثانية والأولى ما يعد قبلة واحدة وجهان بل قولان من أن المنساق إلى الذهن من النص والفتوى هو الأول ومن أن المقصود بالتكرار احراز وقوع الصلاة إلى جهة القبلة وهو يحصل بمطلق الصلاة إلى الجهات الأربع ولولا على جهة المقابلة المزبورة والأول أحوط بل أقوى إذ لو جاز تباعد بعضها عن البعض بأزيد من ربع الدائرة لاتجه الاجتزاء بثلاث صلوات اللهم الا ان يراد نفي المقابلة الحقيقية على سبيل التدقيق لا جواز التباعد بمقدار الثلاث كي يتوجه عليه ما ذكر فعلى هذا لا يخلو قوله من وجه ولو صلى الظهر إلى الجهات الأربع لم يجب عليه ايقاع العصر موافقة لها في الجهات لان كل صلاة في حد ذاتها تكليف مستقل يراعي فيما ما يقتضيه تكليفه ولو صلى الظهر إلى جهة هل له فعل العصر إلى تلك الجهة قبل الاتيان بباقي محتملات الظهر امر يجب تأخير العصر حتى يفرع عن جميع محتملات الأولى قولان مبنيان على أنه هل يجب مراعاة الجزم في النية مهما أمكن وانه إذا تعذر من جهة لا يعذر في اهماله من سائر الجهات فالعاجز عن تشخيص القبلة أو معرفة كون الصلاة قصرا أو تماما يجب عليه تحصيل العلم التفصيلي حال الاتيان بكل من محتملات العصر بوقوعه مرتبا على الظهر ولا يكفي علمه اجمالا بترتبه على الظهر على تقدير صحته ومطابقته للواقع أم لا يجب عليه الا العلم بترتبه على الظهر على تقدير مطابقته للواقع اي كون هذه الجهة قبلة و هذا هو الأقوى فانا لو سلمنا اعتبار الجزم في النية في صحة العبادة مع الامكان وانه إذا تعذر من جهة لا يعذر من سائر الجهات فإنما هو فيما إذا كان اهماله موجبا الترديد في التكليف بان يأتي بما يحتلم وجوبه احتياطا كالدعاء عند روية الهلال مع تمكنه مع معرفة حكمه تفصيلا أو في المكلف به بان يأتي بما هو واجب عليه في ضمن أمرين أو أمور مع تمكنه من تمييز الواجب عن غيره أو تقليل محتملاته لا في مثل المقام الذي لا نرى لجزمه ربطا بصحة عبادته عقلا أو عرفا أو شرعا لان الترتب ليس معتبرا الا بين الواجبين في الواقع وهو يعلم من أول الأمر ان العصر التي قصد امتثالها في ضمن محتملاتها تقع مرتبة على الظهر الواقعية فترديده ليس الا في تشخيص العصر الصحيحة عن غيرها لا في ترتبها على الظهر وبهذا اظهر لك ضعف الاستدلال لعدم مشروعية الاتيان بمحتملات العصر قبل القطع بفراغ ذمته من الظهر باستصحاب شغل ذمته بالظهر وعدم تحقق الفراغ الذي هو شرط في صحة العصر فان اثر هذا الاستصحاب ليس الا عدم جواز الاتيان بالعصر الواقعية بان يصليها إلى جميع الجهات أو في مكان يعلم بالقبلة تفصيلا لا في لاتيان بهذا المحتمل الذي يأتي به من باب الاحتياط ولا يحتمل كونه عصرا الا على تقدير يعلم بكونها واجدة لشرطها على ذلك التقدير فالمصحح لشرعية هذا الفعل ليس الا الاحتمال المقرون بالعلم بكونه واجد الشرط الصحة فلا يعارضه الاستصحاب وربما يتخيل انه عند اشتباه القبلة أو الثوب الظاهر بالنجس أو غير ذلك يختص أول الوقت بالفريضة الأولى إلى أن يمضي بمقدار الاتيان بجميع محتملاتها اي بمقدار اربع صلوات عند اشتباه القبلة الا ان تبرء ذمته عنها قبل مضي هذا المقدار بان اتى ببعض محتملاتها في أول الوقت وصادف الواقع فحينئذ يدخل وقت العصر ويتنجز التكليف بفعلها فمن هنا قد يفصل فيما نحن فيه بين الوقت المختص والمشترك فيصح في الثاني لأنه اتى بمحتمل العصر في وقت علم
(٩٩)