السفر وعن الشيخ في النهاية عن الصادق في قوله تعالى فأينما تولوا فثم وجه الله قال هذا في النوافل خاصة في حال السفر فاما الفرائض فلابد فيها من استقبال القلة إلى غير ذلك من الاخبار الكثرة الدالة على جواز النافلة راكبا أو ماشيا فإنه وان لم يقع في أكثرها التصريح بنفي شرطية الاستقبال كبعض الأخبار المتقدمة الا ان المتبادر منها خصوصا مما ورد في الماشي إرادة فعلها متوجها نحو المقصد ومقتضي اطلاق الجواب من غير استفصال في كثير من الروايات الواردة في الراكب أو الماشي كصحاح الحلبي وعبد الرحمن بن الحجاج وحماد بن عثمان المتقدمات وغيرها مثل ما عن المعتبر نقلا عن كتاب أحمد بن محمد بن أبي نصر عن حماد بن عثمان عن الحسين بن المختار عن أبي عبد الله عليه السلام قال مسألة عن الرجل يصلي وهو يمشي تطوعا قال نعم قال أحمد بن محمد بن أبي نصر وسمعته انا من الحسين بن مختار ونظائرها مما يقف عليه المتتبع في لفرق بين كونه حاضرا أو مسافرا أو تقييد اطلاق مثل هذه الروايات بالمسافر مع عدم وقوع الاستفصال في شئ منها كتنزيل الاطلاق في رواية احمد ونظائرها مما لم يقع فيها التصريح بنفي شرطية الاستقبال على إرادة ما لو كان متوجها نحو القبلة أو الاهمال من هذه الجهة مع كون الصلاة ماشيا أو راكبا ملزوما غالبا للانحراف عن القبلة وعدم الانسباق إلى الذهن من سؤال السائل عن حكمها الا إرادة الاتيان بها متوجها نحو المقصد في غاية البعد ولا ينافيه ورود كثير من الاخبار في المسافر أو في الصلاة في المحمل التي لا ينسبق إلى الذهن ارادتها الا في حال السفر فان خصوصية مورد هذه الأخبار لا تقتضي اختصاص الحكم به واما ما يستشعر أو يستظهر من بعضها من الاختصاص كقوله عليه السلام في حسنة معاوية بن عمار المتقدمة لا باس ان يصلي الرجل صلاة الليل في السفر وهو يمشي والخبر من الذين رواهما الشيخ والطبرسي في تفسير الآية من اختصاصها بالنوافل خاصة في حال السفر لأي ينبغي الالتفات إليه اما باقي الحسنة فواضح لان غايته الاشعار بذلك بواسطة التقييد وهو ليس بشئ فلعله لأجل ان الحاجة إلى الصلاة ماشيا في الليل لا تتحقق غالبا الا في السفر فالتقييد جار مجرى الغالب كما يؤيد ذلك تركه في الفقرة الثانية وهو قوله عليه السلام ولا باس ان فاتته صلاة الليل ان يقضيها بالنهار وهو يمشي فاطلاق هذه الفقرة بنفسه شاهد للمطلوب والتقييد الواقع في الفقرة الأولى لا يقتضي صرفه عن ذلك بعد ما أشرنا إليه من جريه مجرى الغالب اما الخبران فمع ضعفهما سندا لا تصلحان لصرف الأخبار المطلقة عن اطلاقاتها بل قد يناقش فيهما بقصور الدلالة فإنهما لا تدلان الا على اختصاص الآية بالنوافل في السفر فلعل وجه الاختصاص ورودها فيها لا اختصاص الحكم بها وفيه نظر فان ظهرهما اختصاص حكمها بها بالإضافة إلى غيرها لا نزولها في خصوصها كي ينافيهما بعض الأخبار الدالة على أنها نزلت في قبلة المتحير نعم يحتمل قويا كون حال السفر في الخبرين جاريا مجرى التمثيل أريد به حال الحاجة إلى السير في الأرض كما هو الغالب في السفر لا حال السفر من حيث هو ولذا لا ينسبق إلى الذهن منه الا إرادة حال الضرب لا الاستقرار في المنزل مع أن حال السفر أعم منهما فليتأمل ومما يدل على المدعى أيضا مضافا إلى اطلاقات الأدلة خصوص صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي الحسن عليه السلام قال سئلته عن صلاة النافلة في الحضر على ظهر الدابة إذا خرجت قريبا من ابيات الكوفة أو كنت مستعجلا بالكوفة فقال إن كنت مستعجلا لا تقدر على النزول وتخوفت فوت ذلك ان تركت وأنت راكب فنعم والا فان صلاتك على الأرض أحب إلى فان ظاهرها جواز فعلها على ظهر الدابة ولكن الأفضل ايقاعها على الأرض بالنزول عند في لاستعجال أو التأخير عند عدم خوف الفوت وقد أشرنا انفا إلى أن عدم التصريح بنفي شرطية الاستقبال في مثل هذه الروايات غير قادح في الاستدلال حيث إن المنساق إلى الذهن منها إرادة الاتيان بها راكبا على حسب ما يقتضيه العادة من التوجه نحو المقصد فلا ينبغي الاستشكال في جواز النافلة ماشيا وراكبا مطلقا في السفر والحضر كما هو المشهور فما عن ابن أبي عقيل من اختصاص ذلك بالمسافر ضعيف ولا فرق بين التكبير وغيره فلا يشترط الاستقبال في شئ منهما كما يدل عليه اطلاق جل الأخبار الدالة على جواز النافلة ماشيا أو راكبا أينما توجهت به الدابة وخصوص قوله عليه السلام في صحيحة الحلبي على رواية الكافي بعد ان سئل عن الاستقبال عند التكبير لا ولكن تكبر حيثما كنت متوجها وقوله عليه السلام في خبر زرارة المروي عن تفسير العياشي بعد السؤال عن التوجه في كل تكبيرة اما في النافلة فلا انما تكبر على غير القبلة الله أكبر الخ فما في بعض الأخبار من الامر بالاستقبال حال التكبير كصحيحة عبد الرحمن بن أبي نجران قال سئلت أبا الحسن عليه السلام عن الصلاة بالليل في السفر في المحمل فقال إذا كنت على غير القبلة فاستقبل القبلة ثم كبر وصل حيث ذهب بك بعيرك قلت جعلت فداك في أول الليل فقال إذا خفت الفوت في اخره وحسنة معاوية بن عمار المتقدمة التي قال عليه السلام فيها يتوجه إلى القبلة ثم يمشي الحديث محمول على الاستحباب جمعا بينه وبين ما عرفت فما عن بعض من القول بوجوبه ضعيف بل قد يتخيل ضعف هذا القول ولو مع قطع النظر عن الخبرين الصريحين في خلافه بدعوى عدم صلاحية الروايتين الأخيرتين الظاهرتين في اشتراط الاستقبال حال التكبير لتقييد مطلقات الباب لا لابائها عن التقييد كما لا يبعد دعواه في بعضها كخبر إبراهيم المتقدم بل لما حققناه مرادا من أنه لا مقتضى لحمل المطلق على المقيد في المستحبات ولكن يرد عليه ان هذا فيما إذا كان الكلام المطلق مسوقا لبيان الحكم التكليفي لا لبيان كيفية العمل الذي لم يثبت مشروعية مطلقة كما فيما نحن فيه والا فحاله حال الواجبات كما لا يخفى وجهه على المتأمل وهل يجوز صلاة النافلة مستقرا بلا استقبال اختيارا كما هو ظاهر المتن أم لا يجوز كما نسب إلى المشهور فيه تردد من عدم معهودية الصلاة مستقرا إلى غير القبلة لدى المتشرعة بل لعلهم يرونها من المنكرات خصوصا إذا كانت ذات ركوع وسجوده فيكشف ذلك عن عدم ثبوت الرخصة فيها شرعا والا لعرفها المتشرعة بل شاع فعلها كذلك عند عروض الأشياء المقتضية لترك الاستقبال ومن انه لا عبرة بسيرة المتشرعة في العدميات ومغروسية كيفية خاصة في أذهانهم لا يكشف عن عدم مشروعية ما عداها وعدم معهوديته لديهم يمكن ان يكون ناشئا من أفضلية الاستقبال وسهولته وندرة الحاجة إلى التخطي عنه لدى الاستقرار ككثير من المستحبات السهلة التي جرت السيرة على المواظبة عليها وربما يستدل للاشتراط بالتأسي وتوقيفية العبادة وان الأصل فيها الفساد واطلاق قوله صلى الله عليه وآله صلوا كما رأيتموني أصلي وقوله عليه السلام في صحيحة زرارة لا صلاة الا إلى القبلة وفي صحيحته الآخرى لا تعاد الصلاة الا من خمسة الظهور والوقت والقبلة والركوع والسجود وفيما عدى الصحيحتين الأخيرتين ما لا يخفى بعد ما حققناه في محله من أن
(١٠٩)